لقد قتلوا ذريّة الرسول (ص) و مثّلوا بهم و طافوا بآل رسول اللّه (ص) سبايا في بلاد المسلمين و المسلمون بمرأى و مسمع. كلّ تلك الأحداث الجسام وقعت بين كربلاء و الكوفة و الشام في أقلّ من شهرين من خروج الحسين من مكة يوم التروية.
و كان قد بلغ خبر خروج الإمام على خليفة المسلمين مع عودة الحاجّ إلى كلّ فجّ عميق.
و كان طبيعيّا أن يتنسّم المسلمون أخباره بعد ذلك، و تبلغهم أنباء تلك الفجائع فجيعة بعد فجيعة، و تنكسر لتلك الانباء قلوب المؤمنين و يحزنوا.
و كان وقع المصيبة حقّا عظيما على من بلغه نبأها من المسلمين، فقد وقعت الصيحة في دار يزيد، و شمل الانكار عليه أهل مجلسه و مسجده، و أينما بلغت أخبار فضائعه، و انقسم المسلمون اثر هذه الفجيعة إلى قسمين:
قسم انضوى تحت لواء الخلافة لا يثنيه عن ولاء الخليفة قتل ذريّة الرسول، و لا استباحة حرمه، و لا هدم الكعبة، بل ازدادوا قساوة و فضاضة.
و قسم آخر انكسر مقام الخلافة في نفسه و تبرّأ من فعل عصبة الخلافة و خرج عليهم، مثل أهل المدينة في وقعة الحرّة و غيرهم ممّن ثاروا على عصبة