شرع اللّه للإنسان الإسلام نظاما مناسبا لفطرته، و هداه بواسطة أنبيائه (ع) و كان كلّما توفّي نبيّ و غيّرت أمّته شريعته، جدّد اللّه دينه بإرسال نبيّ جديد. و اقتضت حكمته ختم الشّرائع بشريعة خاتمهم، فحفظ أصول الإسلام بحفظ القرآن من الزّيادة و النقصان أبد الدهر، و جعل بيان الأحكام و شرحها في سنّة رسوله (ص) و لم يحفظها مثل القرآن من الزيادة و النّقصان، و لم يعصم رواتها عن السّهو و النسيان، و لم يعصم نسّاخ كتب الحديث من الخطأ و الزلل. و مضى على رواية سنّة الرسول (ص) أربعة عشر قرنا و تداول المسلمون من روايات سنّة الرسول (ص) سيرة و حديثا ما تعارض بعضه مع بعض الشيء الكثير، مع وجود المجمل و المفصّل و العامّ و الخاصّ فيها، و العوامل الخارجية المؤثرة في رواية الحديث، و الّتي أشرنا إليها سابقا، فاختلفت اجتهادات المجتهدين في ترجيح بعضها على بعض، مضافا إلى اجتهاداتهم الخاصّة في مختلف معارف الإسلام و أحكامه. فتعصّب كلّ لآرائه، فتكوّنت لكلّ فرقة رؤية خاصّة للإسلام أوّلت بموجبها آيات متشابهات في كتاب اللّه