من الضعيف، فإنّ الضعيف من الأحاديث المتعارضة في صحيح البخاري في شأن البكاء على الميت-مثلا-ما وافق سياسة السلطة الحاكمة الّتي تنهى عن البكاء على الميّت و تنسب النهي إلى الرسول (ص) ، و الحديث القويّ ما خالفها مثل حديث أمّ المؤمنين عائشة و حديث غيرها الّتي أخبرت عن جواز البكاء على الميت و أنّه من سنة الرسول (ص) . و كذلك الضعيف في حديثي أمّ المؤمنين عائشة المتعارضين في بيان من كان إلى جنب رسول اللّه (ص) في آخر ساعات حياته ما فيه: (متى أوصى إليه و قد انخنث و مات في صدري) ، و القويّ منهما حديثها الآخر الّذي ورد فيه أنّ الإمام عليّا كان إلى جنب الرسول في آخر ساعات حياته لموافقة الأول منهما لرغبات الحكّام و مخالفة الثاني لسياستهم.
هذا هو الميزان الثابت لمعرفة القويّ من الضعيف في أحاديث سنّة الرسول (ص) و سيرة الصحابة و التابعين و سيرة الأنبياء السابقين و الأحكام الّتي اجتهد فيها الخلفاء وفقا لرأيهم و أمثالها.
نتيجة البحوث و حقيقة الأمر
يرى الباحث المتتبّع أنّ الميزان الثابت لمعرفة الحقّ من الباطل بمدرسة الخلفاء إنّما هو مصلحة ذوي السلطة، و أنّ كلّ رواية أو خبر يوجّه النّقد لهم أو يشينهم فهو ضعيف و غير صحيح و باطل، و كلّ كتاب و كلّ راو أو مؤلّف يروي شيئا من ذلك فهو ضعيف و غير ثقة، و يرمى بأنواع الطعون، و إذا ورد الحديث أو الخبر من راو لا يستطيعون الطعن عليه و على مؤلّف الكتاب، فإنّهم حينئذ يؤولون الحديث إلى ما يرغبون فيه. و من جهة أخرى كلّ مؤلف أو راو يذكر مناقب ذوي السلطة و يترك ما يوجّه النّقد إليهم، فهو ثقة و صدوق، فإذا استطاع أن يدافع عنهم في ما يروي و يؤلّف، فهو الثقة المأمون المصدق، و تنتشر رواياته في الكتب و تذاع. و من هذا الباب الواسع أدخل سيف الزنديق