أغلب علماء المذهب الشافعي بمدرسة الخلفاء لا يكتمون الحديث كما يفعله علماء المذاهب الأخرى في تلك المدرسة و لذلك يرمون بالرفض.
في هذا الباب لاحظنا أنواعا من الإنكار بدءا بتضعيف الراوي و الرواة إلى طعنهم بالتشيّع و الرفض و الّذي كان يؤدّي إلى إسقاط الحديث عن الاعتبار. و كلّ أنواع الإنكار من أسهل الأمور في باب الاحتجاج للمنكر و من أصعب الأمور عندئذ إثبات الحقّ، فإنّ المنكر يسهل عليه أن يقول: الحديث ضعيف، باطل، كذب. و على صاحب الحقّ أن يأتي بالدليل تلو الدليل و ليس للمنكر في مقابله أكثر من الإنكار و عدم القبول، و هو في حقيقته قتل معنويّ للرواة، و أحيانا يقتل الراوي الّذي يروي ما يخالف مصلحة مدرسة الخلفاء جسديا، كما نذكر في ما يأتي مثالا واحدا منه لما جرى لأحد أصحاب الصحاح الستّة بمدرسة الخلفاء.
4-النسائي أحد مؤلّفي الصّحاح الستّة و قصّة قتله.
ننقل خبره و قصة قتله من كتابي الذهبي و ابن خلّكان فقد قالا بترجمته [26] ما موجزه:
الحافظ، الإمام، شيخ الإسلام، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، كان إمام أهل عصره في الحديث و له كتاب السنن تفرّد بالمعرفة و علوّ الإسناد، و استوطن مصر. و كان يصوم يوما و يفطر يوما، و يجتهد في العبادة ليلا. و خرج مع أمير مصر إلى الغزو، و كان يحترز عن مجالسه و الانبساط في المأكل، و خرج آخر عمره حاجّا و بلغ دمشق، و صنّف في دمشق كتاب الخصائص في فضل عليّ بن أبي طالب (رض) و أهل البيت، و أكثر رواياته