نرى السلطة الحاكمة في هذا الخبر تنهى عن نشر لقب الأنصار الّذي هو من سنّة الرسول (ص) لما فيه ثناء على الأنصار اليمانيين، و ليسوا من عصبة الخلافة، و الجامع بين هذه الموارد الّتي أوردناها هو نهي السلطة عن نشر سنّة الرسول، حنقا على خصومها.
ثانيا- ما رواه-أيضا-بسنده عن ابن شهاب، قال: قال لي خالد بن عبد اللّه القسري: اكتب لي النسب، فبدأت بنسب مضر، [فمكثت فيه أياما، ثمّ أتيته، فقال لي: ما صنعت؟فقلت: بدأت بنسب مضر]و ما أتممته، فقال: اقطعه قطعه اللّه مع أصولهم، و اكتب لي السيرة. فقلت له:
فإنّه يمرّ بي الشيء من سيرة علي بن أبي طالب أ فأذكره؟فقال: لا، إلاّ أن تراه في قعر الجحيم [20] .
نرى أنّ السلطة الحاكمة تمنع من كتابة اسم الإمام عليّ (ع) إلاّ إذا ما كان فيه ذمّ له. فكيف إذا تسمح بكتابة سنّة الرسول (ص) الّتي تنصّ على أنّ الرسول (ص) عيّنه وصيّا من بعده؟! نهى الخلفاء عن نشر سنّة الرسول (ص) و كان مصير من يخالفهم و يروي أو يكتب ما يخالف اتّجاههم مدى القرون القتل المعنوي أو الجسدي كما سنشير إلى أمثلة منه في ما يأتي إن شاء اللّه.
و ابن شهاب: هو محمد بن مسعود القرشي الزهري. أخرج حديثه جميع أصحاب الصحاح (ت: 125 هـ أو بعده بسنة أو سنتين) . تقريب التهذيب 2/207.
و خالد بن عبد اللّه: ولي مكّة سنة 89 هـ للوليد، و العراقين البصرة و الكوفة سنة 105 لهشام بن عبد الملك، ثم عزله سنة 120. و قتله والي العراق من بعده. و قد رمي في نسبه و دينه.
راجع ترجمته في الأغاني و تهذيب تاريخ ابن عساكر 5/67-80 و غيره.