و لمّا كان قول الصحابيّين يسوء ذكره بعض الناس حذف قولهما من رواية ابن هشام و الطبري و مسلم، و من أجل هذا النوع من الكتمان، أصبحت هذه الكتب من أوثق الكتب بمدرسة الخلفاء.
و أصبح صحيح البخاري الّذي لم يذكر شيئا من هذا الخبر؛ مبهما و غير مبهم أكثر اشتهارا بالصحّة و الوثاقة من جميع الكتب.
إنّ الطبري و ابن كثير أبدلا من حديث الرسول (ص) «وصيّي و خليفتي» ب[كذا و كذا]لأنّ هذا الخبر ينبّه العامة إلى حقّ الإمام عليّ في الحكم، و لا يحسن انتشاره.
و أبدل البخاري قول عبد الرحمن بـ (شيئا) ، لأنّ قول عبد الرحمن كان يسوء الخلفاء: معاوية و يزيد و مروان، و ينبّه العامة على ما لا ينبغي أن يتنبهوا إليه.
و أبدل قول أبي بكر و عمر في جواب رسول اللّه (ص) في كلّ من سيرة ابن هشام و تاريخ الطبري، و حذف من رواية صحيح مسلم، لما فيه ما لا يزين الخليفتين أبا بكر و عمر، و كلّهم حذف بعض الخبر و أبهم في القول.
و هذا النوع من الكتمان كثير عند علماء مدرسة الخلافة.
ب-حذف تمام الخبر من سيرة الصّحابة مع الإشارة إلى الحذف
و من أنواع الكتمان عندهم ما فعلوه بمكاتبات جرت بين محمّد بن أبي بكر و معاوية، فقد وجدنا في كتاب صفّين لنصر بن مزاحم (ت: 212 هـ) و مروج الذهب للمسعودي (ت: 346 هـ) تفصيل كتاب محمّد بن أبي بكر لمعاوية و فيه ذكر فضائل الإمام عليّ بما فيها أنه وصيّ النبيّ، و اعتراف معاوية