و خرب ما حوله و هدم البناء و كرب ما حوله نحو مائتي جريب، فلما بلغ إلى قبره لم يتقدم إليه أحد، فأحضر قوما من اليهود فكربوه، و أجرى الماء حوله، و وكّل به مسالح، بين كلّ مسلحتين ميل، لا يزوره زائر إلاّ أخذوه و وجهوا به إليه.
و روى عن محمد بن الحسين الأشناني أنّه قال:
بعد عهدي بالزيارة في تلك الأيّام خوفا، ثمّ عملت على المخاطرة بنفسي فيها، و ساعدني رجل من العطارين على ذلك، فخرجنا زائرين، نكمن النهار و نسير الليل، حتّى أتينا نواحي الغاضرية، و خرجنا منها نصف الليل فسرنا بين مسلحتين و قد ناموا حتّى أتينا القبر فخفي علينا، و جعلنا نشمّه و نتحرى جهته حتّى أتيناه، و قد قلع الصندوق الّذي كان حواليه و أحرق، و أجري الماء عليه فانخسف موضع اللبن و صار كالخندق، فزرناه فأكببنا عليه فشممنا منه رائحة ما شممت مثلها قطّ كشيء من الطيب، فقلت للعطار الّذي كان معي، أيّ رائحة هذه؟فقال لا و اللّه ما شممت مثلها كشيء من العطر. فودعناه و جعلنا حول القبر علامات في عدّة مواضع.
فلما قتل المتوكل اجتمعنا مع جماعة من الطالبيين و الشيعة حتّى صرنا إلى القبر فأخرجنا تلك العلامات و أعدناه إلى ما كان عليه.
و قال-أيضا- و استعمل على المدينة و مكّة عمر بن الفرج الرخجي فمنع آل أبي طالب من التعرض لمسألة الناس، و منع الناس من البرّ بهم، و كان لا يبلغه أنّ أحدا أبرّ أحدا منهم بشيء و إنّ قلّ إلاّ أنهكه عقوبة، و أثقله غرما، حتّى كان القميص يكون بين جماعة من العلويات يصلّين فيه واحدة بعد واحدة، ثمّ