الباري مفصّلا، و في لفظ بعضها: و لكن رسول اللّه (ص) لعن أبا مروان و مروان في صلبه [24] .
و إنّما فعل الشيخ البخاري ذلك لأنّ معاوية و يزيدهما من خلفاء المسلمين، و لا يرى البخاريّ أن يسمع العامّة قول عبد الرحمن في حقّهما، أنّهما جعلا الخلافة هرقلية كلّما مات هرقل قام هرقل مقامه.
و حذف رواية أمّ المؤمنين عائشة في مروان-أيضا-لأنّ مروان أصبح خليفة للمسلمين و لا ينبغي ذكر ما يشينه. هكذا فعل الشيخ البخاري في صحيحة، فإنّه حذف كلّ شيء يشين الخلفاء و الحكّام في كلّ حديث ورد فيه من ذلك شيء. و من ثمّ اعتبرت مدرسة الخلفاء كتابه أصحّ الكتب بعد كتاب اللّه، و عدّ هو إمام أهل الحديث لديهم.
لمّا لم يستطع مروان أن يأخذ البيعة في الحجاز ليزيد، قدم معاوية الحجاز حاجّا و دخل المدينة، و كان من خبره ما رواه ابن عبد البرّ، حيث قال:
(قعد معاوية على المنبر يدعو إلى بيعة يزيد، فكلّمه الحسين بن علي، و ابن الزبير و عبد الرّحمن بن أبي بكر، فكان كلام ابن أبي بكر:
أ هرقلية!؟إذا مات كسرى كان كسرى مكانه؟لا نفعل و اللّه أبدا. و بعث إليه معاوية بمائة ألف درهم بعد أن أبى البيعة ليزيد، فردّها عليه عبد الرّحمن، و أبى أن يأخذها، و قال: أ بيع ديني بدنياي!؟فخرج إلى مكّة، فمات بها قبل أن تتمّ البيعة ليزيد بن معاوية) [25] .
[24] فتح الباري 10/197-198، و أخرج القصة بتفصيلها أبو الفرج في الأغاني 16/90-91. و راجع ترجمة الحكم بن أبي العاص من الاستيعاب و أسد الغابة و الإصابة و مستدرك الحاكم 4/481، و تاريخ ابن كثير 8/89 و الإجابة في ما استدركته عائشة على الصحابة، و ترجمة عبد الرحمن بن أبي بكر في تاريخ دمشق لابن عساكر.
[25] راجع ترجمة عبد الرحمن بن أبي بكر من الاستيعاب 2/393. و أسد الغابة 3/306.