في تاريخ الفكر الإسلاميّ نجد انقساما بيّنا بعد وفاة النبيّ (ص) بين مدرستين متعارضتين، مدرسة السّلطة الحاكمة بعد الرسول حتى آخر الخلفاء العثمانيين، و مدرسة أئمة أهل البيت (ع) حتّى الإمام الثاني عشر [1] . و لم يزل الخلاف قائما بين خرّيجي المدرستين و أتباعهما من المسلمين، و لا يزال كذلك حتّى عصرنا الحاضر، و إلى ما شاء اللّه.
و في ما يلي من هذا البحث نسمّي المدرسة الأولى بمدرسة الخلفاء و الأخرى بمدرسة أهل البيت. و نبدأ بذكر منشأ الخلاف بينهما، ثمّ نورد أمثلة من وجوه الخلاف، إن شاء اللّه تعالى.
منشأ الخلاف:
تتّفق المدرستان في القرآن الكريم، و تلتزمان بما أحلّه و حرّمه و فرضه
[1] إنّما حدّدنا مدرسة السلطة الحاكمة بآخر الخلفاء العثمانيّين، و مدرسة أهل البيت بالإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت، لأنّ مدرسة الخلفاء تلتزم بشرعية حكومة الخلفاء بعد النبيّ و تسمّيهم بخلفاء النبيّ، و تلتزم مدرسة أهل البيت بأحقيّة الأئمة الاثني عشر في الحكم و تسمّيهم أوصياء النبي. و لهذا سمّينا الأولى بمدرسة الخلفاء. و الثانية بمدرسة أهل البيت.