اللّه ((صلى اللّه عليه و آله و سلم)) بتربيته و تهذيبه ثم بعد ذلك جاءته ألطاف اللّه (تعالى) بدعوة رسول اللّه ((صلى اللّه عليه و آله و سلم)) له، فإنه قال- و قد أدخل عليا و فاطمة و ولديهما تحت الكساء-: «اللهم طهرهم تطهيرا» و قد تقدم ذكر الحديث و كان قد صرف عن قلبه أقذار أكدار الدنيا و طهر نفسه عنها فإنه نقل عنه الثقات أنه في مقام عبادته و مقر مناجاته قال: يا دنيا أبي تعرضت اذهبي عني فقد طلقتك ثلاثا، و سيأتي تمام ذلك مستقصى إن شاء اللّه (تعالى).
و كان قد قطع عنه ما يشغله عن اللّه (تعالى) و رفع الحجاب عن قلبه، و ذهب بقلبه إلى ربه و صرف وجهه إليه (تعالى) حتى قال في بعض كلامه المروي: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا، و سيأتي تمام بيانه إن شاء اللّه (تعالى) و في هذه النبذة المخصوصة المختصرة من الدلالة على حصول حقيقة هذه المنقبة الشريفة له و اتصافه بها غنية و مقنع عن زيادة عليها.
و أما مؤاخاة رسول اللّه ((صلى اللّه عليه و آله و سلم)) إياه و امتزاجه به و تنزيله إياه منزلة نفسه و ميله إليه و إيثاره إياه، فهذا بيانه: فإنه قد روى الإمام الترمذي في صحيحه بسنده عن زيد بن أرقم (رض) أنه قال:
لما آخى رسول اللّه ((صلى اللّه عليه و آله و سلم)) بين أصحابه جاءه علي ((عليه السلام)) تدمع عيناه فقال: يا رسول اللّه ((صلى اللّه عليه و آله و سلم))، آخيت بين أصحابك و لم تؤاخ بيني و بين أحد. قال:
فسمعت رسول اللّه ((صلى اللّه عليه و آله و سلم)) يقول: «أنت أخي في الدنيا و الآخرة».
و روى بسنده أيضا أن رسول اللّه ((صلى اللّه عليه و آله و سلم)) قال: «من كنت مولاه فعلي مولاه» هذا اللفظ بمجرده رواه الترمذي و لم يزد عليه و زاد غيره عليه. ذكر اليوم و الموضع فذكر الزمان و هو عند عود رسول اللّه ((صلى اللّه عليه و آله و سلم)) من حجة الوداع في اليوم