و سلم) يوما خطيبا بما يدعى خما بين مكة و المدينة، فحمد اللّه و أثنى عليه فوعظ و ذكر ثم قال:
«أمّا بعد أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، و أنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب اللّه فيه الهدى و النور فخذوا بكتاب اللّه و استمسكوا به» فحث على كتاب اللّه و رغّب فيه ثم قال: «و أهل بيتي اذكركم اللّه في أهل بيتي اذكركم اللّه في أهل بيتي».
فقال له حصين: و من أهل بيته يا زيد أ ليس نساؤه بأهل بيته قال: لا أهل بيته من حرم الصدقة بعده، و قد تقدم القول في ذلك.
و أما اللفظة الثالثة و هي العترة فقد قيل العترة هي العشيرة و قيل العترة هم الذرية و قد حصل الأمران فيهم ((عليهم السلام)) فإنهم عترته و ذريته و أما العشيرة فالأهل الأدنون و هم كذلك.
و أما الذرية فإن أولاد بنت الرجل ذريته و يدل عليه قوله (عز و جل) عن إبراهيم ((عليه السلام)): وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* وَ زَكَرِيَّا وَ يَحْيى وَ عِيسى وَ إِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ.
فجعل اللّه (سبحانه و تعالى) هؤلاء المذكورين ((عليهم السلام)) من ذرية إبراهيم ((عليه السلام)) و من جملتهم عيسى ((عليه السلام)) و لم يتصل بإبراهيم إلا من جهة أمه مريم.
و قد نقل أن الشعبي كان يميل إلى آل رسول اللّه ((صلى اللّه عليه و آله و سلم)) فكان لا يذكرهم إلا و يقول هم أبناء رسول اللّه ((صلى اللّه عليه و آله و سلم)) و ذريته، فنقل ذلك عنه إلى الحجاج بن يوسف و تكرر ذلك و كثر نقله عنه إليه فأغضبه ذلك منه و نقمه عليه، فاستدعاه الحجاج يوما إلى مجلسه و قد اجتمع إليه أعيان المصرين الكوفة و البصرة و علماؤهما و قراؤهما، فلما دخل الشعبي عليه