فلما قام سفيان قال جعفر: خذها يا سفيان، ثلاث و أي ثلاث.
و قال سفيان دخلت على جعفر بن محمد و عليه جبة خز دكناء و كساء خز فجعلت أنظر إليه تعجبا، فقال لي: يا ثوري مالك تنظر إلينا لعلك تعجب مما ترى قال: فقلت له: يا بن رسول اللّه ليس هذا من لباسك و لا لباس آبائك. قال: يا ثوري كان ذلك زمان افتقار و إقتار و كانوا يعملون على قدر إقتاره و افتقاره، و هذا زمان قد أسبل كل شيء عز إليه ثم حسر ردن جبته فإذا تحتها جبة صوف بيضاء يقصر الذيل عن الذيل و الردن عن الردن، و قال: يا ثوري لبسنا هذا للّه و هذا لكم، فما كان اللّه أخفيناه و ما كان لكم أبديناه.
و قال الهياج بن بسطام: كان جعفر بن محمد يطعم حتى لا يبقى لعياله شيء، و كان يقول ((عليه السلام)): لا يتم المعروف الا بثلاثة تعجيله و تصغيره و ستره.
و سئل ((عليه السلام)): لم يحرم اللّه الربا؟ فقال: لئلا يتمانع الناس المعروف.
و ذكر بعض أصحابه ((عليه السلام)) قال: دخلت على جعفر و موسى ولده بين يديه و هو يوصيه بهذه الوصية، و كان مما حفظت منها أن قال: يا بني اقبل وصيتي و احفظ مقالتي فإنك إن حفظتها تعش سعيدا و تمت حميدا. يا بني إنه من قنع بما قسم له استغنى و من مد عينه إلى ما في يد غيره مات فقيرا، و من لم يرض بما قسم اللّه (عز و جل) له اتهم اللّه (تعالى) في قضائه، و من استصغر زلة نفسه استعظم زلة غيره، و من استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه. يا بني من كشف حجاب غيره انكشفت عورات نفسه، و من سل سيف البغي قتل به و من احتفر لاخيه بئرا سقط فيها، و من داخل السفهاء حقر و من خالط العلماء وقر و من دخل مداخل السوء اتهم. يا بني، قل الحق لك و عليك و إياك و النميمة فإنها تزرع الشحناء في قلوب الرجال. يا بني إذا طلبت الجود فعليك