أنت و أمي إن الناس ينظرون إليك فلو رفقت [1]بصوتك قليلا فقال لي:
ويحك يا أفلح و لم لا أبكي، لعل اللّه أن ينظر إلي منه برحمة فأفوز بها عنده غدا.
ثم طاف بالبيت ثم جاء حتى ركع عند المقام فرفع رأسه من سجوده فإذا موضع سجوده مبتل من كثرة دموعه، و كان إذا ضحك قال:
اللهم لا تمقتني.
و قال عبد اللّه بن عطا: ما رأيت العلماء عند احد اصغر علما منهم عند أبي جعفر لقد رأيت الحكم عنده متعلم.
و روى عنه ولده جعفر ((عليهما السلام)) قال: كان أبي يقول في جوف الليل في تضرعه: امرتني فلم آتمر، و نهيتني فلم أنزجر فها أنا عبدك بين يديك و لا أعتذر.
و قال جعفر: فقد أبى بغلة له فقال: لئن ردها اللّه (تعالى) لأحمدنه بمحامد يرضاها، فما لبث أن أتي بها بسرجها و لجامها فركبها، فلما استوى عليها و ضم إليه ثيابه رفع رأسه إلى السماء فقال: الحمد للّه فلم يزد.
ثم قال: ما تركت و لا بقيت شيئا، جعلت كل أنواع المحامد للّه (عز و جل)، فما من حمد إلا هو داخل فيما قلت.
و نقل عنه ((عليه السلام)) أنه قال: ما من عبادة أفضل من عفة بطن أو فرج، و ما من شيء احب إلى اللّه (عز و جل) من أن يسأل و ما يدفع القضاء إلا الدعاء، و إن أسرع الخير ثوابا البر و أسرع الشر عقوبة البغي، و كفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمي عنه من نفسه و أن يأمر الناس بما لا يفعله، و لا ينهى الناس عما لا يستطيع التحول عنه و أن يؤذي جليسه بما لا يعنيه.