شاء اللّه في سنة إحدى و ستين من الهجرة، فتكون مدة عمره ستا و خمسين سنة و أشهرا كان منها مع جده رسول اللّه ((صلى اللّه عليه و آله و سلم)) ست سنين و شهورا، و كان مع أبيه أمير المؤمنين علي ((عليه السلام)) ثلاثين سنة بعد وفاة النبي، و كان مع أخيه الحسن بعد وفاة أبيه عشر سنين و بقي بعد وفاة أخيه إلى مقتله عشر سنين.
الفصل الحادي عشر: في خروجه من المدينة إلى مكة ثم إلى العراق:
هذا فصل للقلم في أرجائه مجال واسع و مقال جامع و سمع كل مؤمن و قلبه عند تلاوته إليه و له مصيخ سامع، لكن الرغبة في الاختصار تطوي أطراف بساطه و الرهبة من الإكثار تصدف عن تطويله و إفراطه و حين وقف على أصله و زائده خص الأصل بإثباته و الزائد بإسقاطه.
و ذلك أن معاوية لما استخلف ولده يزيد ثم مات و كتب يزيد كتابا إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان و هو يومئذ والي المدينة يحثه فيه على أخذ البيعة من الحسين ((عليه السلام))، فرأى الحسين أمورا اقتضت أنه خرج من المدينة و قصد مكة و أقام بها، و وصل الخبر إلى الكوفة بموت معاوية و ولاية يزيد مكانه، فاتفق منهم جمع جم و كتبوا كتابا إلى الحسين يدعونه إليهم و يبذلون له فيه القيام بين يديه بأنفسهم و بالغوا في ذلك. ثم تتابعت إليه الكتب نحوا من مائة و خمسين كتابا من كل طائفة و جماعة، كتاب يحثونه فيه على القدوم، و آخر ما ورد عليه كتاب من جماعتهم على يد قاصدين من أعيانهم و صورته بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ للحسين بن علي أمير المؤمنين من شيعته و شيعة أبيه أمير المؤمنين علي؛ سلام عليك، أما بعد فإن الناس منتظروك و لا رأي لهم غيرك فالعجل العجل يا ابن رسول اللّه. و السلام عليك و رحمته و بركاته.
فكتب جوابهم و سيّر إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل، فوصل إليهم