نام کتاب : مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع) نویسنده : حافظ رجب البرسي جلد : 1 صفحه : 24
قيل:
يعرفها من كان من جنسها * * * و سائر الناس لها منكر
أو كما قيل:
لو كنت تعلم كل ما علم الورى * * * طرا لكنت صديق كل العالم
لكن جهلت فصرت تحسب كل من * * * يهوى بغير هواك ليس بعالم
حتى أوصلوها بلسان البغضاء، إلى الإخوان من الفقهاء، و هم أهل المذهب المذهب، و المنهاج الذي ليس لهم منهاج، لكن لا يدرك غامض المعقول بالمنقول، فكيف بما وراء العقول، و لا يلزم من معرفة علم واحد الإحاطة بسائر العلوم، و ما منّا إلّا له مقام معلوم، و كل ميسر لما خلق له، و مبتهج بما فضله اللّه و فض له، و نعم اللّه السوابغ و السوائغ (التوابع) الشرائع الدوائم الدوائب، الفوائض الفواضل، السائرة إلى عباده، الواصلة إلى بلاده، لا تنقطع ركائبها، و لا تنقشع سحائبها، و باب الفيض مفتوح، و كل من الجواد الكريم ممنوح، و ليس وصول المواهب الربّانية، و العثور على الأسرار الإلهية، بأب و أم، بل اللّه يختص برحمته من يشاء، و إن تقطعت من الحاسد الأحشاء، و لما أوردوها لهم بلسان يحرّفون الكلم عن مواضعه، لم يلمحوا بالنظر الباطن زواهر جواهرها من أصداف أصدقائها [1]، و لم ينهوا عيون العقول عن زيغها و إصدافها، و لم يتحلوا بها فيتزيّنوا و لم يصغوا بأسماع العقول إلى استماع إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا[2] بل صدقوهم في الفتنة و الريبة، و صادقوهم في استماع النميمة و الغيبة، فجعلوا الكذب الشنيع، لسهام التشنيع غرضا، فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً[3] فنسبوه- إذ لم يفهموه- إلى قول الغلاة، و لا من أسرار الهداة [4]، فكانوا كما قال أمير المؤمنين علي: لقلنا غير مأمون على الدين، بصرت فيهم بما بصرت كما قيل:
أعادي على ما يوجب الحب للفتى * * * و أهدأ و الأفكار فيّ تجول