نام کتاب : مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع) نویسنده : حافظ رجب البرسي جلد : 1 صفحه : 207
بالحقائق، فاللّه سبحانه حكمه في العدل و عدله و غناه عن الظلم لذاته من غير استفادة، و الولي عدله و حكمته و عصمته خصّ من اللّه و تأييد له بتلك القوى الإلهية و الصفات الربّانية، و إليه الإشارة بقولهم: «إلّا انّهم عبادك و خلقك»، لأن هذا الاستثناء فارق بين الرب و العبد، لأن الرب المعبود سبحانه علمه و قدرته، و قدمه و غناه عن خلقه، غير مستفاد من إله آخر بل هي صفات ذاته، لأن واجب الوجود وجوب وجوده يقتضي صفات الألوهية، و الإمام الولي قدرته و علمه و حكمه و تصرفه في العالم من اللّه اختاره، فقدمه و ارتضاه فحكمه، ما اختار وليا جاهلا قط، فوجب له بهذه الولاية العامة التقدّم و العلم و التصرّف، و الحكم و العصمة عن الخطأ و الظلم.
أما التقدّم فلأن الولي حجّة اللّه، و الحجة يجب أن يكون قبل الخلق و مع الخلق و بعد الخلق، و أما العلم فلأن الولي هو العلم المحيط بالعالم، فلا يخفى عليه شيء مما غاب و حضر إذ لو خفي عنه شيء لجهل و هو عالم، هذا خلف.
دليله: ما رواه المفضل بن عمر عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنه قال: يا مفضل، إن العالم منّا يعلم حتى تقلّب جناح الطير في الهواء، و من أنكر من ذلك شيئا فقد كفر باللّه من فوق عرشه، و أوجب لأوليائه الجهل، و هم حلماء علماء أبرار أتقياء.
و ذلك أن الولي لا يجوز أن يسأل عن شيء و ليس عنده علمه، و لا يجوز أن يسأل عن شيء و لا يعلمه، و القرآن قد شهد له بذلك، و إليه الإشارة بقوله: وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ[1]، و المراد به الولي، و لفظ العموم هنا مخصّص للأولياء، و ليس في العطف تباعد و تراخ، و كلّما يجري في العالم الذي أبرزه اللّه إلى الوجود من عالم الغيب و الشهادة أخبر القرآن أن اللّه يراه و رسوله و وليّه، و من أصدق من اللّه حديثا.
و إليه الإشارة بقوله (صلّى اللّه عليه و آله): إنك تسمع ما أسمع، و ترى ما أرى [2]، فقوله «تسمع ما أسمع» هذا جار في الأوصياء كافة، و قوله: «ترى ما أرى»، هذا مقام خصّ به علي (عليه السلام). و إليه الإشارة