وَ إِنْ طٰائِفَتٰانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا الجمع و التذكير من حيث المعنى لأنّ الطائفتين في معنى القوم و النّاس فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمٰا بالنصيحة و الطلب إلى حكم اللّه و شريعة رسوله، و مقتضى الأمر وجوب البدء بالإصلاح قبل البدء بالقتال فلا يجب إلّا بعد البعث إليهم، و السؤال عن سبب خروجهم، و إيضاح ما عرض لهم من الشبهة.
و قد جرى ذلك من عليّ (عليه السلام)[2] لما أراد قتال الخوارج حيث بعث إليهم ابن عبّاس و بيّن لهم الجواب عن الشبهة الّتي كانت معهم فرجع منهم قوم و بقي على البغي آخرون، فقاتلهم حتّى قتلهم.
و قد يستفاد من ذلك أنّهم لو خرجوا من غير شبهة لم يكن حكمهم ذلك و قد حكم أصحابنا بأنّهم لو كانوا كذلك فهم قطّاع الطّريق و حكمهم حكم المحاربين.
فَإِنْ بَغَتْ إِحْدٰاهُمٰا عَلَى الْأُخْرىٰ تعدّت عليها و طلبت ما لا يجوز لها فَقٰاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي و تعتدي بالظلم حَتّٰى تَفِيءَ إِلىٰ أَمْرِ اللّٰهِ حتّى ترجع إلى طاعته، و تتوب عن المعصية الّتي صدرت عنها، و في الآية دلالة على أنّ غاية وجوب القتال هو الرّجوع إلى الطاعة بتوبة أو غيرها، و مقتضى ذلك التحريم بعدها، و هو كذلك إجماعا