«إِنَّ الصَّلٰاةَ كٰانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ» لعلّ وجه تخصيص الحكم بهم التحريص و الترغيب لهم في حفظها و حفظ أوقاتها حالتي الأمن و الخوف، و إيماء بأنّ ذلك من مقتضى الإيمان و إشعار أهله فلا يجوز أن تفوتهم، و يمكن أن يكون الوجه ما تقدّم من أنّهم المتهيّئون لذلك الممتثلون له و إلّا فهي واجبة على الكافر أيضا على ما مرّ غير مرّة.
«كِتٰاباً مَوْقُوتاً» فرضا محدودا لأوقات لا يجوز إخراجها عن أوقاتها المعيّنة لها في شيء من الأحوال، و يحتمل أن يراد بالكتاب المكتوب: أى المفروض كقوله «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيٰامُ» أى فرض و الموقوت المحدود بأوقات معيّنة لا يجوز التقديم عليها و لا التأخير عنها، و المراد أنّ الصلاة مفروضة محدودة بأوقات منجّمة يجب إيقاعها في تلك الأوقات، و لا يجوز إخراجها عنها في شيء من الحالات و لو في شدّة الخوف، و في الآية دلالة على وجوب الصلاة في جميع الأحوال إلّا ما أخرجه الدليل كحال الحيض و نحوه، و على جميع المكلّفين خائفين أو آمنين محاربين أولا كما هو معلوم من أوّلها و على هذا علماؤنا أجمع، و أكثر الشافعيّة، و يؤيّده ما روى عن ابن عبّاس أنّه قال عقيب تفسير هذه الآية [2]: لم يعذر اللّه في ترك ذكره أحدا إلّا المغلوب على عقله و قد روى في أخبارنا هذا المعنى أيضا، و لم يوجبها أبو حنيفة على المحارب حال المسايفة