و أما دعوى: أن امتناعهما صلوات اللّه عليهما و آلهما من ذلك حذرا من التهمة، و لسدّ الطريق على الغير للتلاعب و التسرع في القضاء.
فهي و إن كانت قريبة جدا، إلا أن ذلك يقتضي عدم تشريع القضاء بالعلم لغيرهما، لأنه أولى بالتهمة، و بالتسرع و التلاعب بالقضاء بعد عدم العصمة.
و لعل ذلك هو السرّ في عدم تشريع القضاء بالعلم إلا في عصر ظهور الحجة عليه السّلام، حيث ينحصر القضاء بالمعصوم بعد ظهور أمره و إقرار الناس بعصمته و بخوعهم لطاعته و القبول منه و التسليم له.
و قد يشهد بهذا ما في معتبر الحسين بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:
«قال: سمعته يقول: الواجب على الإمام إذا نظر إلى رجل يزني أو يشرب الخمر أن يقيم عليه الحدّ، و لا يحتاج إلى بينة مع نظره، لأنه أمين اللّه في خلقه، و إذا نظر إلى رجل يسرق أن يزبره و ينهاه، و يمضي و يدعه. قلت:
و كيف ذلك؟ قال: لأن الحقّ إذا كان للّه فالواجب على الإمام إقامته، و إذا كان للناس فهو للناس»[1].
فإن تعليل عدم الحاجة للبينة مع نظر الإمام بأنه أمين اللّه في خلقه ظاهر في اختصاص ذلك بالإمام و عدم التعدي لغيره، لعدم كونه أمينا للّه، و إن كان من حقه القضاء، لأنه منصوب من قبل الإمام لذلك.
نعم مقتضاه، جواز قضاء الإمام بعلمه. و لا بأس بالالتزام بذلك
[1] وسائل الشيعة ج: 18 باب: 32 من أبواب مقدمات الحدود و أحكامها العامة حديث: 3.