responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة نویسنده : الشيخ الطبرسي    جلد : 9  صفحه : 362

(1) - و الآخرة إلا بفضل الله فإنه سبحانه لو و لم يدعنا إلى الطاعة و لم يبين لنا الطريق و لم يوفقنا للعمل الصالح لما اهتدينا إليه و ذلك كله من فضل الله و أيضا فإنه سبحانه تفضل بالأسباب التي يفعل بها الطاعة من التمكين و الألطاف و كمال العقل و عرض المكلف للثواب فالتكليف أيضا تفضل و هو السبب الموصل إلى الثواب و قال أبو القاسم البلخي و البغداديون من أهل العدل إن الله سبحانه و تعالى لو اقتصر لعباده في طاعاتهم على مجرد إحساناته السالفة إليهم لكان عدلا فلهذا جعل سبحانه الثواب و الجنة فضلا و في هذه الآية أعظم رجاء لأهل الإيمان لأنه ذكر أن الجنة معدة للمؤمنين و لم يذكر مع الإيمان شيئا آخر «وَ اَللََّهُ ذُو اَلْفَضْلِ اَلْعَظِيمِ» أي ذو الإفضال العميم و الإحسان الجسيم إلى عباده ثم قال‌} «مََا أَصََابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي اَلْأَرْضِ» مثل قحط المطر و قلة النبات و نقص الثمرات «وَ لاََ فِي أَنْفُسِكُمْ» من الأمراض و الثكل بالأولاد «إِلاََّ فِي كِتََابٍ» يعني إلا و هو مثبت مذكور في اللوح المحفوظ «مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهََا» قبل أن أي من يخلق الأنفس ليستدل ملائكته به على أنه عالم لذاته يعلم الأشياء بحقائقها «إِنَّ ذََلِكَ عَلَى اَللََّهِ يَسِيرٌ» أي إثبات ذلك على كثرته هين على الله يسير سهل غير عسير ثم بين سبحانه لم فعل لذلك فقال‌} «لِكَيْلاََ تَأْسَوْا عَلى‌ََ مََا فََاتَكُمْ» أي فعلنا ذلك لئلا تحزنوا على ما يفوتكم من نعم الدنيا «وَ لاََ تَفْرَحُوا بِمََا آتََاكُمْ» أي بما أعطاكم الله منها و الذي يوجب نفي الأسى و الفرح‌من هذا أن الإنسان إذا علم أن ما فأت منها ضمن الله تعالى عليه العوض في الآخرة فلا ينبغي أن يحزن لذلك و إذا علم أن ما ناله منها كلف الشكر عليه و الحقوق الواجبة فيه فلا ينبغي أن يفرح به و أيضا فإذا علم أن شيئا منها لا يبقى فلا ينبغي أن يهتم له بل يجب أن يهتم لأمر الآخرة التي تدوم و لا تبيد و في هذه الآية إشارة إلى أربعة أشياء (الأول) حسن الخلق لأن من استوى عنده وجود الدنيا و عدمها لا يحسد و لا يعادي و لا يشاح فإن هذه من أسباب سوء الخلق و هي من نتائج حب الدنيا (و ثانيها) استحقار الدنيا و أهلها إذا لم يفرح بوجودها و لم يحزن لعدمها (و ثالثها) تعظيم الآخرة لما ينال فيها من الثواب الدائم الخالص من الشوائب (و رابعها) الافتخار بالله دون أسباب الدنيا و يروى أن علي بن الحسين (ع) جاءه رجل فقال له‌ما الزهد فقال الزهد عشرة أجزاء فأعلى درجة الزهد أدنى درجة الورع و أعلى درجة الورع أدنى درجة اليقين و أعلى درجة اليقين أدنى درجة الرضاء و إن الزهد كله في آية من كتاب الله «لِكَيْلاََ تَأْسَوْا عَلى‌ََ مََا فََاتَكُمْ وَ لاََ تَفْرَحُوا بِمََا آتََاكُمْ» و قيل لبزرجمهر ما لك أيها الحكيم لا تأسف على ما فأت و لا تفرح بما هو آت فقال إن الفائت لا يتلافى بالعبرة

نام کتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة نویسنده : الشيخ الطبرسي    جلد : 9  صفحه : 362
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست