نام کتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 6 صفحه : 631
(1) - أوصى بالوالدين إحسانا و معناهما واحد لأن الوصية أمر «إِمََّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ اَلْكِبَرَ أَحَدُهُمََا أَوْ كِلاََهُمََا» يعني به الكبر في السن و المعنى إن عاشا عندك أيها الإنسان المخاطب حتى يكبرا أو عاش أحدهما حتى يكبر يريد أن بلغا في السن مبلغا يصيران بمنزلة الطفل الذي يحتاج إلى متعهد و خص حال الكبر و إن كان من الواجب طاعة الوالدين على كل حال لأن الحاجة أكثر في تلك الحال إلى التعهد و الخدمة و هذا مثل قوله «وَ يُكَلِّمُ اَلنََّاسَ فِي اَلْمَهْدِ وَ كَهْلاً» مع أن الناس كلهم يتكلمون في حال الكهولة و الوجه فيه أنه سبحانه أخبر أن عيسى يكلم الناس في المهد و أنه يعيش حتى يكهل و يتكلم بعد الكهولة و نحو ذلك قوله وَ اَلْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلََّهِ و إنما خص ذلك اليوم لأنه لا يملك فيه أحد سواهو قيل إن الكبر في الآية راجع إلى المخاطب أي إن بلغت حال الكبر و هو حال التكليف و قد بقي معك أبواك أو أحدهما «فَلاََ تَقُلْ لَهُمََا أُفٍّ» و روي عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جده أبي عبد الله (ع) قال لو علم الله لفظة أوجز في ترك عقوق الوالدين من أف لأتى بهو في رواية أخرى عنه قال أدنى العقوق أف و لو علم الله شيئا أيسر منه و أهون منه لنهى عنه و في خبر آخر فليعمل العاق ما يشاء أن يعمل فلن يدخل الجنة فالمعنى لا تؤذيهما بقليل و لا كثير قال مجاهد : معناه أن بلغا عندك من الكبر ما يبولان و يحدثان فلا تتقذرهما و أمط عنهما كما كانا يميطان عنك في حال الصغر و المتبرم يكثر قول أف و هي كلمة تدل على الضجر و قيل إن الأف و التف وسخ الأصابع إذا فتلته عن أبي عبيدة و قيل هي كلمة كراهة عن ابن عباس و قيل معناه النتن و جاء في المثل أبر من النسر قالوا لأن النسر إذا كبر و لم ينهض الطيران جاء الفرخ فزقه كما كان أبواه يزقانه «وَ لاََ تَنْهَرْهُمََا» أي لا تزجرهما بإغلاظ و صياح و قيل معناه لا تمتنع من شيء أراده منك كما قال وَ أَمَّا اَلسََّائِلَ فَلاََ تَنْهَرْ«وَ قُلْ لَهُمََا قَوْلاً كَرِيماً» أي و خاطبهما بقول رقيق لطيف حسن جميل بعيد عن اللغو و القبيح يكون فيه كرامة لهما و يدل على كرامة المقول له على القائل و قيل معناه قل لهما قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ عن سعيد بن المسيب «وَ اِخْفِضْ لَهُمََا جَنََاحَ اَلذُّلِّ مِنَ اَلرَّحْمَةِ» أي و بالغ في التواضع و الخضوع لهما قولا و فعلا برا بهما و شفقة عليهما و المراد بالذل هاهنا اللين و التواضع دون الهوان من خفض الطائر جناحه إذا ضم فرخه إليه فكأنه سبحانه قال ضم أبويك إلى نفسك كما كانا يفعلان ربك و أنت صغير و إذا وصفت العرب إنسانا بالسهولة و ترك الآباء قالوا هو خافض الجناح و قال أبو عبد الله (ع) معناه لا تملأ عينيك من النظر إليهما إلا برأفة و رحمة و لا ترفع صوتك فوق أصواتهما و لا يديك فوق أيديهما و لا تتقدم قدامهما«وَ قُلْ رَبِّ اِرْحَمْهُمََا كَمََا رَبَّيََانِي صَغِيراً» معناه ادع لهما بالمغفرة و الرحمة في حياتهما و بعد مماتهما جزاء لتربيتهما إياك في صباك و هذا إذا كانا
نام کتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 6 صفحه : 631