نام کتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 6 صفحه : 568
(1) - أنهم أفرطوا في معصية الله كما تقول أفرط فلان في مكروهي و تأويله أنه آثر العجز و قدمه قال أبو علي و كأنه من أفرط أي صار ذا فرط مثل أقطف و أجرب فهو مقطف و مجرب فمعناه أنهم ذوو فرط إلى النار و سبق إليها.
الإعراب
الكذب مفعول تصف و «أَنَّ لَهُمُ اَلْحُسْنىََ» بدل من الكذب و تقديره و تصف ألسنتهم أن لهم الحسنى أي تصفون أن لهم مع هذا الفعل القبيح الجزاء الحسن و «أَنَّ لَهُمُ اَلنََّارَ» في موضع نصب بجرم و المعنى جرم فعلهم هذا أي كسب أن لهم النار و قيل أن أن في موضع رفع عن قطرب قال معناه أنه وجب أن لهم النار و أنهم مفرطون فيها «لِتُبَيِّنَ لَهُمُ» أي لأن تبين لهم الجار و المجرور في محل النصب بأنه مفعول له و كذلك قوله «وَ هُدىً وَ رَحْمَةً» و كلاهما معطوف على ما قبله بأنه مفعول له أيضا أي أنزلنا عليك الكتاب بيانا و هدى و رحمة قال الزجاج و يجوز في هذا الموضع و هدى و رحمة بالرفع فيكون المعنى و ما أنزلنا عليك الكتاب إلا للبيان و هو مع ذلك هدى و رحمة.
ـ
المعنى
«وَ لَوْ يُؤََاخِذُ اَللََّهُ اَلنََّاسَ بِظُلْمِهِمْ مََا تَرَكَ عَلَيْهََا مِنْ دَابَّةٍ» أخبر سبحانه أنه لو كان ممن يؤاخذ الكفار و العصاة بذنوبهم و يعاجلهم بالعقوبة لما ترك على وجه الأرض أحدا ممن يستحق ذلك من الظالمين و إنما قال عليها و لم يجر ذكر للأرض في الظاهر لأن الكلام يدل عليه فإن العلم حاصل بأن الناس يكونون على ظهر الأرض و مثله كثير في محاورات العرب يقولون ما بين لابتيها مثل فلان يعنون المدينة و أصبحت باردة يريدون الغداة إذ اللابتان بالمدينة و الإصباح لا يكون إلا غدوة و قوله «وَ لََكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلىََ أَجَلٍ مُسَمًّى» أي يمهلهم إلى وقت معلوم مسمى و هو يوم القيامة و قيل إلى وقت يعلمه الله تعالى أنه لا يكون في بقائهم فيه مصلحة لأنهم لا يؤمنون و لا يخرج من نسلهم مؤمن و إنما يؤخرهم تفضلا منه سبحانه ليراجعوا التوبة أو لما في ذلك من المصلحة و اختلف أهل العدل في من المعلوم من حاله أنه لا يؤمن فيما بعد هل يجوز اخترامه فقال بعضهم يجوز لأن التكليف تفضل فلا تجب التبقية و هو قول أبي هاشم و إليه ذهب المرتضى قدس الله روحه و قال آخرون لا يجوز اخترامه و يجب تبقيته و هو قول البلخي و أبي علي الجبائي و إن اختلفا في علته فقال الجبائي لأنه مفسدة و قال البلخي لأنه الأصلح و إليه ذهب الشيخ المفيد أبو عبد الله و قيل إن معنى الآية لو يؤاخذهم بذنوبهم لحبس المطر عنهم حتى تهلك كل دابة عن السدي و عكرمة "سؤال"متى قيل إن المكلف الظالم يستحق العقوبة بظلمه فما بال الحيوانات تؤخذ بغير جرم"فجوابه" أن العذاب للظالم عقوبة و لغير الظالم عبرة و محنة فيكون كالأمراض النازلة بالأولياء و غير
نام کتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط دار المعرفة نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 6 صفحه : 568