responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مبادئ الإيمان نویسنده : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 29

هو الفاعل المختار و الثاني هو الفاعل الموجب و بينهما فرق فالأول يمكنه الفعل و الترك معاً لأمر واحد دون الثاني و قد شرحنا صفاته تعالى في الجزء الأول من كتاب الدين و الاسلام.

(درس 5): توحيد الصانع و القول بوحدة الوجود

لا ريب ان كل ذي حس حتى الحيوان فضلًا عن الانسان يفهم للوجود معنى، و يميز بين الموجود و المعدوم.

و الحكماء بعد ان اتفقوا على ان مفهوم الوجود المأخوذ من جميع الموجودات المتعينة واحد و يعبر عنه بطارد العدم تارة، و بما يترتب عليه اثر الشي‌ء الخاص به اخرى، و ما اشبه ذلك من العبارات التي هي شرح الاسم و المعرف اللفظي لا بيان الكنه و الحقيقة، و لذا قالوا ان الوجود مفهومه من اوضح الأشياء و كنهه في غاية الخفاء. و بعد اتفاقهم على وحدة مفهومه و بداهة تصوره و استحالة معرفته او تعريفه بجنس او فصل [1] اذ هو ليس بجوهر و لا عرض و لا جنس له و لا فصل فانها حدود للماهيات لا للوجود، و اختلفوا في الموجودات الخارجية المتباينة الماهية و الحقيقة كالانسان و الحجر و الشجر و ان وجوداتها الخارجية بقطع النظر عن ماهياتها المتباينة هل هي حقيقة واحدة كمفهوماتها الذهنية او متباينة كماهياتها الواقعية فقال طائفة و هم المشاءون من تلامذة افلاطون انها متباينة كماهياتها [2] و لازم هذا ان يكون الوجود عندهم من المشترك اللفظي [3] و هو موضوع لمعاني لا تتناهى و كل وجود مباين للآخر فضلًا عن تباين الحقيقة. و قالت طائفة اخرى بأنه في الخارج حقيقة واحدة كما هو في الذهن و اطلاق الوجود عليها من المشترك المعنوي لا اللفظي سواء كانت معروضات الوجود افراد حقيقة واحدة كأفراد الانسان او حقائق مختلفة كأفراد الانسان و افراد الحجر فإن الوجود في الجميع واحد بالنظر الى ذاته و حقيقته. نعم حقيقة الوجود تختلف مصاديقها في الشدة و الضعف و الخفاء و الظهور ففيها الواجب القديم الأزلي الذي وجوه بذاته و غناه بنفسه و هو علة العلل و مصدر كل الكائنات، و فيها الوجود الممكن المحتاج في حدوثه و وجوده الى الواجب فهو واجب بالغير و علته واجب بالذات. لكنه مع هذا الاختلاف العظيم و البون الشاسع فنفس طبيعة الوجود فيهما واحدة و هي ما نعبر عنه بالظهور و التحقق و امثال ذلك. و لهم على ذلك عدة براهين رصينة و اوضحها و انقحها ان المفهوم الواحد لا يعقل ان ينتزع من حقائق مختلفة و معاني متباينة ليس بينها قدر جامع و وجه مشترك و الّا لبطلت الحكمة و حالت الحقائق و صح انتزاع كل شي‌ء من كل شي‌ء.

و هذا المذهب هو الحق الصراح الذي يقومه البرهان و يدعّمه الوجدان. و وحدة الوجود بهذا المعنى مما لا محيد عنه، و هي الأساس لأكثر القواعد في العلم الإلهي و لا تنافي شيئاً من قواعد الدين و عقائد الإسلام بل لا يتم توحيد الحق و حق التوحيد الا بها. و لذا لما اورد (ابن كمونة) شبهته المشهورة في امكان وجود الشريك لواجب الوجود (تعالى اللّه عن ذلك) ارتبك‌


[1] الجنس و الفصل اصطلاحان في علم المنطق لتعريف النوع مثلًا عند ما نقول (الانسان حيوان ناطق) فالإنسان نوع و الحيوان جنس و الناطق فصل.

[2] قال في التعريفات: (الماهية تطلق غالباً على الأمر المتعلق مثل المتعلق من الانسان و هو الحيوان الناطق مع قطع النظر عن الوجود و الأمر المتعلق من حيث انه معقول في جواب ما هو سمي ماهية و من حيث ثبوته في الخارج سمي حقيقة و من حيث امتيازه عن الاغيار هوية) و الماهية تقارب معنى المثل عند افلاطون.

[3] المشترك اللفظي مثل كلمة العين للباصرة و ينبوع الماء و الذهب و كفة الميزان و غير ذلك.

نام کتاب : مبادئ الإيمان نویسنده : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست