الشائع في كلمات العلماء و كتبهم ان الايمان هو اعتقاد بالجنان و اقرار باللسان. و عمل بالاركان. فالاعتقاد بالجنان معرفة ان اللّه جل شأنه هو الاله المعبود بالحق، الخالق لكل ما عداه من الخلق. واحد لا شريك له في الربوبية، و لا مثيل له في الوحدانية، و ان محمداً عبده و رسوله ارسله بما فيه سعادة البشر في الدارين و يتم هذا باعتقاد الولاية لأهل بيته و البراءة من عدوهم. اما الاقرار باللسان فهو ان يعترف بتلك الامور و يتخذها ديناً له و نحلة.
و أما العمل بالاركان فالمراد بها الدعائم التي بني عليها الاسلام و بها يكمل الايمان ففي اخبارهم (ع): (بني الاسلام على خمسة اشياء: الصلاة، و الزكاة، و الصيام، و الحج، و الولاية). و سئل صادق اهل البيت (ع) عن الايمان الذي لا يسع احداً جهله فقال(ع): (شهادة ان لا اله الا اللّه و ان محمداً رسول اللّه و الاقرار بما جاء به من عند اللّه و اقام الصلاة و ايتاء الزكاة وصوم رمضان و الولاية لنا و البراءة من عدونا و تكون مع الصديقين).
(درس 2): حقيقة الايمان
تلك هي الكلمات الدارجة في تعريف الايمان. و لكنها تعريفات رسمية تشير الى الحقيقة من بعض وجوهها لا الى ذاتها. و حقيقة الايمان، من حيث الشهود و الوجدان ان تتكيف [1] النفس بصفة اليقين بوجود ذات مقدّسة عن كل صفة نقص من صفات المخلوقين متصفة بكل صفات الكمال و الغنى و ان ذلك الوجود بما ان كل انسان محتاج اليه في آناء حياته و وجوده لأنه العلة فيه فهو الشاهد و الرقيب عليه و هو القائم على كل نفس بما كسبت، و يكون تكيف نفسه بهذه الصفة على نحو تكيفها باليقين بأن النار محرقة و الشمس مشرقة. يستحيل ان يتطرق الشك اليه فضلًا عن التحول و التبدل كما يستحيل ان يجري على خلاف مقتضاه فيمد يده الى النار او يوقد مصباحاً مع ضوء الشمس و كذلك مع الايمان الكامل بالله يمتنع ان يرتكب ما يغضبه، او يترك ما يوجبه.
و تلك الصفة هي التي يعبر عنها باليقين تارة، و بالايمان تارة اخرى، و بالتقوى ثالثة و قد جمع كل ذلك بعض ائمة الهدى (ع) في كلمتين حيث قال: (التقوى ان لا يراك اللّه حيث نهاك، و لا يفقدك حيث امرك).
(درس 3): الايمان الصحيح
الايمان مراتب و درجات لا حد لها في النهاية، و اول درجاته في البداية، السكينة و الطمأنينة التي تهبط على القلب بأن الانسان رهين بأعماله مسئول عنها في محكمة الجزاء بين يدي ربه تلك السكينة التي تبعث روح النشاط الى العمل. و تنفض غبار الخمول
[1] تكييف النفس باليقين تصيير اليقين كيفية من كيفياتها و ملكة من ملكاتها بحيث لا تفارقها و لا تنفك عنها مثل ملكة الجود و الشجاعة و امثالها.