احمد اللّه على جسيم نعمائه و عظيم آلائه مصلياً على انبيائه و اصفيائه
و بعد
فهذه دروس دينية امليتها لتدرسها الناشئة العربية التي لا تجد بداً من الدخول في هذه المدارس الجديدة الموضوعة على الطرز الحديث.
و معلوم ان الامة أي امة كانت لا تبقى حية في معترك هذه الاكوان و لا تقف في صف الامم و الشعوب النابهة الذكر الا بالاحتفاظ على جنسيتها و قوميتها. و لا تحفظ ذلك الا بالتمسك الشديد و العناية بلسانها و حفظ المستحسن من عاداتها و اخلاقها و دينها. و الا فلو ان العرب مثلًا تخلّقوا بأخلاق الصين و تزيوا بأزياء الاوربيين، او تدينوا بدين البراهمة و البوذيين، لم يكونوا عربا و لماتت الامة العربية و ذهبت ذهاب امس الدابر، و لانمحت من صفحة هذا الوجود كما انمحى غيرها من الأمم ذات الحول و الطول كالآشورية و غيرها، واهم ما يلزم على الأمة للمحافظة على بقاء جنسيتها و استبقاء حياتها المحافظة على لغتها و دينها فهما للامة بمنزلة الروح و الحياة السارية في العروق، فالدين روحها و اللغة حياتها. و قد القيت هذه الدروس قياماً بذلك الواجب عسى ان يحس ولدان اليوم و هم رجال الغد بالضرورة الكاضة الى التمسك بدينهم. و الالتزام بالمهم من احكام شريعتهم. اذ يصح ان يقال انهم هم السبب الوحيد في استبقاء حياة الأمة العربية الى الغد و ما بعده. و اذا انسلخوا من دينهم و لغتهم (لا قدّر اللّه) فعلى العرب و العربية السلام ناهيك بما للدين من الفضائل و جمعه لأسباب سعادة الدارين و فوز النشأتين، و حفظ نظام الهيئة الاجتماعية و كل ما فيه صلاح النوع و الافراد الى ما لا يسعه المقام من سرد فوائده و مزاياه اخص بذلك دين الاسلام الذي هو خاتمة الشرائع و الاديان الذي جمع فاوعى، واخذ ما ابقى، و ارجو ان يكون في القدر المودع في هذه الاوراق من مهمات الدين، كفاية للمبتدئين، و ان كان بعض العبارات اغلاق او ابهام، فالمعول على كفاية المدرسين من اهل الفضل في توضيح المرام و تلقيح الافهام، و ابلاغ الغرض بحسن البيان للتلاميذ احسن اللّه لهم التوفيق جميعاً.
و لما كان الدين مجموع اعتقادات، و اعمال، و اخلاق، وضعنا هذا المؤلف على ثلاثة ابواب.
الدين و الشريعة و الملة و المذهب الفاظ مختلفة و معانيها متقاربة، و يستعمل كل واحد منها موضع الآخر فتكون جميعاً بمعنى واحد كما تقول دين الاسلام، و شريعة الاسلام، و ملة الاسلام، و مذهب الاسلام، و الاضافة في الجميع لفظية، و المعنى دين هو الاسلام قال