responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كليلة و دمنة نویسنده : ابن المقفع    جلد : 1  صفحه : 84

فلمّا عرف دمنة أنّ الأسد قد عجب منه، قال: أيّها الملك إنّ رعية الملك تحضر بابه رجاء أن يعرف ما عندها من علم وافر، و قد يقال إنّ الفضل في أمرين:

فضل القاتل على المقاتل و العالم على العالم، و إنّ كثرة الأعوان إذا لم يكونوا مختبرين ربّما تكون مضرّة على العمل، فإنّ العمل ليس رجاؤه بكثرة الأعوان و لكن بصالحي الأعوان، و مثل ذلك مثل الرجل الذي يحمل الحجر الثّقيل فيقتل به نفسه و لا يجد له ثمنا، و الرّجل الذي يحتاج إلى الجذوع لا يجزئه‌ [1] القصب و إن كثر، فأنت الآن أيّها الملك حقيق ألاّ تحقر مروءة أنت تجدها عند رجل صغير المنزلة فإنّ الصغير ربّما عظم كالعصب الذي يؤخذ من الميتة فإذا عملت منه القوس أكرم فتقبض عليه الملوك و تحتاج إليه في البأس و اللّهو.

و أحبّ دمنة أن يري القوم أنّ ما ناله من كرامة الملك إنما هو لرأيه و مروءته و عقله لأنهم عرفوا قبل ذلك أنّ ذلك لمعرفته أباه، فقال: إنّ السّلطان لا يقرّب الرجال لقرب آبائهم و لا يبعدهم لبعدهم و لكن ينبغي أن ينظر إلى كلّ رجل بما عنده لأنه لا شي‌ء أقرب إلى الرّجل من جسده و من جسده ما يدوي‌ [2] حتى يؤذيه و لا يدفع ذلك عنه إلاّ بالدّواء الذي يأتيه من بعد.

فلمّا فرغ دمنة من مقالته هذه أعجب الأسد به إعجابا شديدا و أحسن الرّد عليه و زاد في كرامته، ثم قال الملك لجلسائه: ينبغي للسّلطان ألاّ يلجّ في تضييع حقّ ذوي الحقوق، و النّاس في ذلك رجلان: رجل طبعه الشّراسة فهو كالحيّة إن وطئها [3] الواطئ فلم تلدغه لم يكن جديرا أن يغرّه ذلك منها فيعود إلى وطئها ثانيا فتلدغه، و رجل أصل طباعه السّهولة فهو كالصّندل‌ [4] البارد الذي إذا أفرط في حكّه


[1] الجذوع جـ جذع: و هو ساق النخلة. و يجزئه: يكفيه.

[2] يدوي: يصيبه داء.

[3] وطئها: داسها.

[4] الصندل: نوع من الخشب.

نام کتاب : كليلة و دمنة نویسنده : ابن المقفع    جلد : 1  صفحه : 84
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست