نام کتاب : كليلة و دمنة نویسنده : ابن المقفع جلد : 1 صفحه : 67
بهراوته، و قال له: من أنت، قال: أنا السّارق المصدّق المخدوع المغترّ بما لا يكون أبدا و هذه ثمرته.
فلمّا تحرّزت من تصديق ما لا يكون و لم آمن إن صدّقته أن يوقعني في تهلكة عدت إلى البحث عن الأديان و التماس العدل منها فلم أجد عند أحد ممّن كلّمته جوابا فيما سألته عنه فيها، و لم أر فيما كلّموني به شيئا يحقّ لي في عقلي أن أصدّق به و لا أن أتّبعه، فقلت لمّا لم أجد ثقة آخذ منه فالرّأي أن ألزم دين آبائي و أجدادي الذي وجدتهم عليه و هممت بذلك، ثم التمست لنفسي مخرجا فقلت إن كان من يفعل هذا معذورا فإنّ الذي يجد أباه ساحرا و يجري على مثاله يكون غير ملوم مع أشباه ذلك ممّا لا يحتمله العقل، و ذكرت في ذلك قول رجل كان فاحش الأكل فعوتب في ذلك فقال: كذلك كان أكل أبي و جدّي. فلمّا ذهبت ألتمس العذر لنفسي لزوم دين الآباء و الأجداد لم أجد لها على الثّبوت على دين الآباء طاقة، بل وجدتها تريد أن تتفرّغ للبحث عن الأديان و المسألة عنها و للنّظر فيها، فهجس [1] في قلبي و خطر على بالي قرب الأجل و سرعة انقطاع الدّنيا و اعتباط [2] أهلها و تخرّم [3] الدّهر حياتهم، ففكّرت في ذلك و قلت أمّا أنا فلعلّي قد قرب أجلي و حانت نقلتي [4] و قد كنت أعمل أمورا محمودة أرجو أن تكون أصلح الأعمال. و لعلّ تردّدي شغلني عن خير كنت أعمله فيكون أجلي دون ما تطمح إليه نفسي و يطلبه أملي. و يصيبني ما أصاب الرّجل الّذي زعموا أنّه تواطأ [5] مع خادم في بيت لأحد الأغنياء على أن يأتي البيت في كلّ ليلة يغيب أهله فيجمع له الخادم ممّا في البيت فيذهب به و يبيعه و يتشاطرا ثمنه [6] فاتّفق ذات ليلة أهل البيت و بقي الخادم وحده فأنفذ فأخبر صاحبه