responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كليلة و دمنة نویسنده : ابن المقفع    جلد : 1  صفحه : 202

الزاهد في الخير الذي لا يوقن بالآخرة، و ينبغي أن يجزى بعمله، و قد عرفت سرعة الغضب و فرط [1] الهفوة، و من سخط باليسير لم يبلغ رضاه بالكثير، و الأولى لك أن تراجع ابن آوى و تعطف عليه و لا يؤنسنّك من مناصحته ما فرط منك إليه من الإساءة، فإنّ من النّاس من لا ينبغي تركه على حال من الأحوال و هو من عرف بالصّلاح و الكرم و حسن العهد و الشّكر و الوفاء و المحبّة للنّاس و السّلامة من الحسد و البعد من الأذى و الاحتمال للإخوان و الأصحاب و إن ثقلت عليه منهم المئونة [2] . و أمّا من ينبغي تركه فهو من عرف بالشّراسة و لؤم العهد و قلّة الشّكر و الوفاء و البعد من الرّحمة و الورع و اتّصف بالجحود [3] لثواب الآخرة و عقابها و قد عرفت ابن آوى و جرّبته و أنت حقيق بمواصلته.

فدعا الأسد بابن آوى و اعتذر إليه ممّا كان منه و وعده خيرا و قال: إنّي معتذر إليك و رادّك إلى منزلتك. فقال ابن آوى: إنّ شرّ الأخلاّء [4] من التمس منفعة نفسه بضرّ أخيه و من كان غير ناظر له كنظره لنفسه أو كان يريد أن يرضيه بغير الحقّ لأجل اتّباع هواه و كثيرا ما يقع ذلك بين الأخلاّء، و قد كان من الملك إليّ ما علم، فلا يغلظنّ على نفسه ما أخبره به أني به غير واثق، و أنّه لا ينبغي لي أن أصحبه فإنّ الملوك لا ينبغي لهم أن يصحبوا من عاقبوه أشدّ العقاب، و لا ينبغي لهم أن يرفضوه أصلا، فإنّ ذا السّلطان‌ [5] إذا عزل كان مستحقّا للكرامة في حال إبعاده و الإقصاء [6] له، فلم يلتفت الأسد إلى كلامه.

ثمّ قال له: إنّي قد بلوت طباعك و أخلاقك و جرّبت أمانتك و وفاءك و صدقك


[1] الفرط: اسم من الإفراط يقال إياك و الفرط في الأمر.

[2] المئونة: الثقل.

[3] الجحود: الإنكار مع العلم.

[4] الأخلاء: الأصدقاء.

[5] ذا السلطان: صاحب السلطنة.

[6] الإقصاء: الإبعاد.

غ

نام کتاب : كليلة و دمنة نویسنده : ابن المقفع    جلد : 1  صفحه : 202
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست