responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كليلة و دمنة نویسنده : ابن المقفع    جلد : 1  صفحه : 188

و يقتله، و إنّما سمّي الصّديق صديقا لما يرجى من نفعه و سمّي العدوّ عدوّا لما يخاف من ضرره، و العاقل إذا رجا نفع العدوّ أظهر له الصّداقة و إذا خاف ضرّ الصّديق أظهر له العداوة. أ لا ترى تتبّع البهائم أمّاتها [1] رجاء ألبانها فإذا انقطع عنها انصرفت عنها، و ربّما قطع الصّديق عن صديقه بعض ما كان يصله منه فلم يخف شرّه لأنّ أصل أمره لم يكن عداوة.

فأمّا من كان أصل أمره عداوة جوهريّة ثمّ أحدث صداقة لحاجة حملته على ذلك، فإنّه إذا زالت الحاجة التي حملته على ذلك زالت صداقته فتحوّلت و صارت إلى أصل أمره، كالماء الذي يسخن بالنّار فإذا رفع عنها عاد باردا، و ليس من أعدائي عدوّ أضرّ لي منك، و قد اضطرّتني و إيّاك حاجة إلى ما أحدثنا من المصالحة، و قد ذهب الأمر الذي احتجت إليّ و احتجت إليك فيه، و أخاف أن يكون مع ذهابه عود العداوة، و لا خير للضّعيف في قرب العدوّ القويّ و لا للذّليل في قرب العدوّ العزيز، و لا أعلم لك قبلي حاجة إلاّ أن تكون تريد أكلي، و ليس عندي بك ثقة، فإني قد علمت أنّ الضّعيف المحترس من العدوّ القويّ أقرب إلى السّلامة من القويّ إذا اغترّ بالضّعيف و استرسل إليه، و العاقل يصالح عدوّه إذا اضطرّ إليه، و يصانعه و يظهر له ودّه، و يريه من نفسه الاسترسال إليه إذا لم يجد من ذلك بدّا، ثمّ يعجّل الانصراف عنه حين يجد إلى ذلك سبيلا.

و اعلم أنّ سريع الاسترسال لا تقال عثرته، و العاقل يفي لمن صالحه من أعدائه بما جعل له من نفسه و لا يثق به كلّ الثّقة و لا يأمنه على نفسه مع القرب منه، و ينبغي أن يبعد عنه ما استطاع، و أنا أودّك من بعيد و أحبّ لك من البقاء. و السّلامة


[1] أماتها: جـ أم. و أصل الأم أمهة جمعها أمهات و قيل الأمهات للناس و الأمات للبهائم.

نام کتاب : كليلة و دمنة نویسنده : ابن المقفع    جلد : 1  صفحه : 188
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست