responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كليلة و دمنة نویسنده : ابن المقفع    جلد : 1  صفحه : 185

و كان قريبا منه جحر جرذ يقال له فريدون، و كان الصّيّادون كثيرا ما يتداولون‌ [1] ذلك المكان يصيدون فيه الوحش و الطير. فنزل ذات يوم صيّاد فنصب حبالته قريبا من موضع روميّ فلم يلبث أن وقع فيها. فخرج الجرذ يدبّ و يطلب ما يأكل و هو حذر من روميّ. فبينما هو يسعى إذ بصر به في الشّرك فسرّ و استبشر، ثمّ التفت فرأى خلفه ابن عرس يريد أخذه و في الشجرة بوما يريد اختطافه، فتحيّر في أمره و خاف إن رجع وراءه أخذه ابن عرس و إن ذهب يمينا أو شمالا اختطفه البوم و إن تقدّم أمامه افترسه السّنّور.

فقال في نفسه هذا بلاء قد اكتنفني و شرور تظاهرت عليّ‌ [2] و محن قد أحاطت بي.

و بعد ذلك فمعي عقلي فلا يفزعني أمري و لا يهولنّي‌ [3] شأني و لا يلحقني الدّهش و لا يذهب قلبي شعاعا [4] ، فالعاقل لا يفرق‌ [5] عند سداد رأيه و لا يعزب‌ [6] عنه ذهنه على حال، و إنّما العقل شبيه بالبحر الذي لا يدرك غوره‌ [7] و لا يبلغ البلاء من ذي الرّأي مجهوده فيهلكه، و تحقّق الرّجاء لا ينبغي أن يبلغ منه مبلغا يبطره و يسكره فيعمى عليه أمره، و لست أرى لي من هذا البلاء مخلصا إلاّ مصالحة السّنّور فإنه قد نزل به من البلاء مثل ما قد نزل بي أو بعضه، و لعلّنا إن سمع كلامي الذي أكلّمه به و وعى‌ [8] عنّي صحيح خطابي و محض صدقي الذي لا خلاف فيه و لا خداع معه ففهمه و طمع في معونتي إيّاه خلصنا جميعا.

ثمّ إنّ الجرذ دنا من السّنّور فقال له: كيف حالك؟قال له السّنّور: كما تحبّ في ضنك‌ [9] و ضيق، قال: و أنا اليوم شريكك في البلاء، و لست أرجو لنفسي خلاصا إلاّ بالذي أرجو لك فيه الخلاص و كلامي هذا ليس فيه كذب و لا خديعة، و ابن عرس ها


[1] يتداولون المكان: أي يأتيه هذا مرة و ذاك مرة جمعه دولات و دول.

[2] الاكتناف: الإحاطة. و التظاهر: التعاون.

[3] يهولني: أي يفزعني.

[4] شعاعا: متفرقا.

[5] يفرق: يخاف.

[6] يعزب: يبعد.

[7] غوره: قعره.

[8] وعى: حفظ.

[9] الضنك: الشدة.

نام کتاب : كليلة و دمنة نویسنده : ابن المقفع    جلد : 1  صفحه : 185
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست