ابن حنظلة أتانا عنك بوقت، فقال: «اذا لا يكذب علينا» [1] فنفى التوثيق عنه، لأنّ هذه العبارة مجملة و محتملة لغير التوثيق، و هو أن يكون معناه أنه في هذا الحكم لا يكذب علينا، لأنه من المشهورات عنّا، كما يستفاد من قوله (عليه السلام): «اذا» و نظائر هذا كثير.
(و حينئذ) فالاعتماد على أقوالهم في الجرح و التعديل اعتماد على اجتهادات الأموات، فقد وافقونا على جوازه، و إن لم يصرّحوا به.
و اذا تأمّلت قوله تعالى «فَلَوْ لٰا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذٰا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ»[2] تراها دالة على المطلبين، أعني جواز تقليد الأموات و جواز التجزي في الاجتهاد.
(اذا عرفت هذا فاعلم) أنه قد فصّل بعض المحقّقين تفصيلا في هذا المقام حيث قال: «إنّ العالم اذا كان له قوة استنباط المسائل من مآخذها التفصيلية- و هو المجتهد التّام- فلا يجوز له تقليد غيره، لقوة الظن في جانبه.
و ان لم يكن له قوة الاستنباط الّا في بعض المسائل، فإن لم يمكنه الوصول الى مجتهد حي، تعيّن عليه العمل بظنه فيما له قوة استنباط، لرجحانه أيضا.
و إن أمكنه الوصول الى معرفة رأيه، و تخالف الرأيان فيتوخي أقوى الظّنين الحاصلين له من استنباطه و من قول المجتهد، و يعمل به.
فإن عرف من نفسه، كثرة الخطاء مثلا و الرجوع عما ظنه صوابا، و حسن ظنه
جزما، و ليس حجة في حقنا.
و عليه فلا يرد النقض على النافي لاعتبار رأي الميت بما أفاده سيدنا الجد في المتن، اذ الاعتماد على قول الرجاليين انما يجوز بالنسبة الى موارد كانت شهادتهم عن حسّ.