ما بقي منها [1] و قد بعث الى الأقطار و الأمصار في تحصيلها، فوقع منها في يده أربعون كتابا تقريبا، ثم جمعها و بوّبها أبوابا متناسبة، و شرح من أحاديثها ما يحتاج الى الشرح و سمّاه ذلك الكتاب [2] فجاء كتابا يعادل الأصول الأربعة [3] في الحجم و غزارة العلم.
و قد كنّا في وقت تأليفه له في خدمته ليلا و نهارا، و كنا نتراود معه (سلمه اللّه تعالى) في حلّ بعض الأحاديث المشكلة التي يريد شرحها، بل ربما أكون نائما في بعض الأحيان، فينبّهني و يراجعني في حلّ بعض الأخبار.
و لقد عاشرته أعواما كثيرة ليلا و نهارا فما رأيت منه فعل مباح فضلا عن المكروهات، لأنه كان ممتثلا قول النبي (صلّى اللّه عليه و آله) «يا أبا ذر! ليكن لك في كل شيء نية حتى في النوم و الأكل» [4].
بل كانت أفعاله كلها طاعات، و كان مع شباب سنه الشريف قد تتبع العلوم تتبعا لم يقاربه أحد من فضلاء عصره، سيّما علم الحديث، و ما كنت أسأله في حلّ حديث الا و قد أجابني بحديث مفصل يشتمل على حلّ ذلك الحديث المجمل.
و قد كان يعظ الناس في مسجد الجامع في اصفهان، فما رأيت أفصح منه و لا
المهملة كالغنى: ما يدافع عنه، و انثنى: رجع، و الضمير في كأنها راجع الى الأصول التي صنّفت في أعصار الأئمة (عليهم السلام)، يعني أنها لمعت كالبرق الخاطف ثم غابت و انغمست الدنيا في الظلام.
[1] (ما بقي منها) أي من الأصول.
[2] أي سمّي ذلك المجموع من الأصول ب«بحار الأنوار».
[3] يعادل الأصول الأربعة- أي الكافي، و من لا يحضر، و التهذيب، و الاستبصار.