ثم انه لا خلاف أساسيّا بينهما، اذ لبابه هو العمل بالأصول العمليّة الثلاثة (الاستصحاب و البراءة و التخيير) فالأصولي يجوزها بالجملة، و الأخباري يحرمها في الجملة، لأنّه يقول بالعمل بالأخبار عند الشك في بعض الموارد، فكلّ أخباري أصولي و كل أصولي أخباري، اذ مدار الأصولي أيضا على الأخبار، لأن دليل جواز العمل بالأصول هى الأخبار، و كذا الأخباري لا يتحاشى عن العمل بالأصول، لأنه أيضا يعمل بالاحتياط و بعض أقسام الاستصحاب و البراءة و التخيير فما الفائدة في الطعن و التشنيع الذي هو أمر شنيع.
و الدليل على ما قلناه (من أن السيد الجزائرى (ره)، لم يكن أخباريا محضا بل كان على الطريق الوسطى) أمور:
(الأول) أن الأخباريين يقولون بعدم حجية ظواهر القرآن، و السيد لم يقل بحجيتها فحسب، بل انه ردّ الأخباريين في ذلك حيث قال: «أما قول بعض الأخباريين بعدم جواز الاحتجاج بظواهر القرآن كما قاله الفاضل الأسترآبادي، و جماعة من المعاصرين فهو مما لا نوافقهم عليه، و ذلك ان القرآن محكم و متشابه، و قد أنزله اللّه سبحانه للإعجاز و التحدي، فلو لم يكن مفهوم المعنى لطال لسان التشنيع علينا من كفار قريش، و لجاز لهم أن يقولوا كيف يصح التحدي و الاعجاز بما لا يفهم منه معنى أصلا» [2].
(الثاني): أنه ذهب الأخباريون كالمحدث الأسترابادي و غيره الى اشتراط القطع في الأحكام و الا يجب التوقف، و يحرمون العمل بالظن مطلقا، و السيد (رحمه اللّه) ردهم بهذه العبارة:
«و حاصل هذا أن الطريقة الواضحة هى أخذ الأحكام من الأخبار، أو من