- اذا عرفت الوجوه الأربعة المذكورة فقد ثبت لك تعذر الوقوف على طبائعها الفعالة.
و أما القوى المنفعلة فالوقوف التام عليها كالمتعذر، لأن القبول التام لا يتحقق إلا مع شرائط مخصوصة في القابل: من الكم و الكيف و الوضع و الاين، و سائر المقولات، و المواد السفلية غير ثابتة على حالة واحدة بل هي دوما في الاستحالة و التغير و ان كان لا يظهر بالحس.
فعلى ضوء ما ذكرنا لك ظهر أن الوقوف التام على أحوال القوى الفعالة السماوية و الارضية المنفعلة غير حاصل للبشر، و لو حصل ذلك لاحد لوجب أن يكون ذلك الشخص عالما بجميع التفاصيل الحاصلة من الماضية و الآتية، و أن يكون متمكنا من إحداث جميع الامور التي لا نهاية لها.
و على هذا الظهور لا يبعد أن يكون في السماوات كواكب كثيرة فعالة و ان كنا لا نعرف وجودها، فضلا عن أن نعرف طبائعها، و لهذا نقل صاحب كتاب (تنكلوشا) عن سيد البشر: أنه بقي في الفلك وراء الكواكب المرصودة كواكب لم ترصد، إما لفرط صغرها، أو لخفاء آثارها و أفعالها.
هذا ما ذهب إليه الكلدانيون حول الكواكب و الافلاك، و مقالتهم في تدبيرها للعالم السفلي بشتى ألوانه و أشكاله، و في استناد كل حادثة تقع فيه إليها.
ثم إنهم كانوا يستخدمون الكواكب و الافلاك، و كان لهم باسم كل كوكب صنم يعبدونه في مدائنهم، و لهم شأن كبير في ذلك، و لذا أطلق اسم السحرة عليهم، و قيل لهم: سحّار، و لعملهم: السحر، لعظم العمل-