نام کتاب : قضاياالمجتمع والأسرة والزواج نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 40
مختلفتان ، لا ترجع إحداهما إلى الأُخرى ، لا في أصلها ولا في فروعها وثمراتها .
ـ 9 ـ
الحرّية والمجتمع الإسلامي
كلمة الحرّية ـ على ما يُراد بها من المعنى ـ لا يتجاوز عمرها في دورانها على الألسن عدّة قرون ، ولعلّ السبب المُبتدع لها هي النهضة المدنية الأوروبية قبل بضعة قرون ، لكنّ معناها كان يجول في الأذهان وأُمنية من أماني القلوب منذ أعصار قديمة .
والأصل الطبيعي التكويني ، الذي ينتشي منه هذا المعنى ، هو ما تجهّز به الإنسان في وجوده من الإرادة الباعثة إيّاه على العمل ، فإنّها حالة نفسية ، في إبطالها إبطال الحسّ والشعور المنجرّ إلى إبطال الإنسانية .
غير أنّ الإنسان لمّا كان موجوداً اجتماعياً ، تسوقه طبيعته إلى الحياة في المجتمع ، وإلقاء دلوه في الدلاء بإدخال إرادته في الإرادات ، وفعله في الأفعال المنجرّ إلى الخضوع لقانون يعدل الإرادات والأعمال بوضع حدود لها ، فالطبيعة التي أعطته إطلاق الإرادة والعمل هي بعينها تحدِّد الإرادة والعمل ، وتقيّد ذلك الإطلاق الابتدائي والحرّية الأوّلية .
والقوانين المدنية الحاضرة ، لمّا وضعت بناء أحكامها على أساس التمتُّع المادي ـ كما عرفت ـ أنتج ذلك حرّية الأمّة في أمر المعارف الأصلية الدينية ، من حيث الالتزام بها وبلوازمها ، وفي أمر الأخلاق ، وفي ما وراء القوانين من كل ما يريده ويختاره الإنسان من الإرادات والأعمال ، فهذا هو المراد بالحرّية عندهم .
نام کتاب : قضاياالمجتمع والأسرة والزواج نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 40