نام کتاب : قضاياالمجتمع والأسرة والزواج نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 106
ـ 5 ـ
ماذا أبدعه الإسلام في أمرها ؟
لا زالت بأجمعها ترى في أمر المرأة ما قصصناه عليك ، وتحبسها في سجن الذلّة والهوان ، حتى صار الضعف والصغار طبيعة ثانية لها ، عليها نبتت لحمها وعظمها ، وعليها كانت تحيا وتموت ، وعادت ألفاظ المرأة والضعف والهوان كاللغات المُترادفة ، بعدما وضعت متبائنة ، لا عند الرجال فقط ، بل وعند النساء ـ ومن العجب ذلك ـ ولا ترى أُمّة من الأُمم ـ وحشيها ومدنيها ـ إلاّ وعندهم أمثال سائرة في ضعفها وهوان أمرها ، وفي لغاتهم على اختلاف أصولها وسياقاتها وألحانها أنواع ، من الاستعارة والكناية والتشبيه ، مربوطة بهذه اللفظة ( المرأة ) يقرع بها الجَبان ، ويؤنّب بها الضعيف ، ويُلام بها المخذول المُستهان والمُستذلِّ المنظلم ، ويوجد من نحو قول القائل :
وما أدري وليتَ أخال أدري * * * أقوم آل حصن أم نساء
مئات وألوف من النَّظم والنثر في كل لغة .
وهذا ـ في نفسه ـ كافٍ في أن يحصل للباحث ما كان يعتقده المجتمع الإنساني في أمر المرأة ، وإن لم يكن هناك ما جمعته كُتب السير والتواريخ من مذاهب الأُمم والمِلل في أمرها ، فإنّ الخصائل الروحية والجهات الوجودية في كل أمة تتجلّى في لغتها وآدابها .
ولم يورث من السابقين ما يعتني بشأنها ويهمّ بأمرها ، إلاّ بعض ما ورد في التوراة ، وما وصّى به عيسى بن مريم (عليهما السلام) من لزوم التسهيل عليها والإرفاق بها .
وأمّا الإسلام ـ أعني الدين الحنيف النازل به القرآن ـ فإنّه أبدع في حقّها أمراً ما كانت تعرفه الدنيا منذ قطن قاطنوها ، وخالفهم جميعاً في بناء بُنية فطرية ، عليها كانت الدنيا هدمتها من أول يوم وأعفت آثارها ، وألغى ما كانت
نام کتاب : قضاياالمجتمع والأسرة والزواج نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 1 صفحه : 106