وكان ما كان بين قريش وأهل البيـت (عليهم السلام) مما لا نـريـد تفصيــل الكلام فيه. غير أن شدة الحال تبدو من أحاديث أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) في المناسبات المختلفة، ومن خطبتي الصديقة فاطمة الزهراء (صلوات الله عليه) ـ المرويتين في كل من بلاغات النساء [2] وأعلام النساء [3] وغيرهما ـ ومما ذكره المؤرخون.
إلا أن الفتنة لم تتطور؛ لفشل الأنصار وخمود أمرهم بعد انشقاقهم على أنفسهم، ولأن زعيم أهل البيت أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) رأى أن في الإصرار على المجانبة، والتمسك بالمواقف الصلبة، خطراً على الإسلام يفوق خطر فوت حقه. فاكتفى في مطالبته بحقه بالمقدار الذي ينبه من الغفلة ويرفع العذر. كما فعل ذلك في الشورى عند بيعتهم لعثمان. وبقي يؤكد ذلك في المناسبات المختلفة إقامة للحجة.
وعلى من يهمه معرفة الحقيقة أن يبحث عنها بموضوعية كاملة، بعد أن يتحرر من التراكمات والمسلمات، فإنها لا تشتبه حينئذٍ، لأن حجة الله تعالى هي الواضحة [وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ][4]. وبذلك يخرج عن المسؤولية مع الله تعالى يوم العرض الأكبر
[1] تاريخ الطبري 2: 244 في ذكر (الخبر عما جرى بين المهاجرين والأنصار في أمر الإمارة في سقيفة بني ساعدة).