ونقصد بكلمة (الأساسي) المصدر الحقيقي للتصوّرات والإدراكات البسيطة ؛ ذلك أنّ الذهن البشري ينطوي على قسمين من التصوّرات :
أحدهما المعاني التصوّرية البسيطة ، كمعاني الوجود والوحدة والحرارة والبياض وما إلى ذلك من مفردات للتصوّر البشري .
والقسم الآخر المعاني المركّبة ، أي : التصوّرات الناتجة عن الجمع بين تلك التصوّرات البسيطة . فقد نتصوّر (جبلاً من تراب) ونتصوّر (قطعة من الذهب) ثمّ نركّب بين هذين التصوّرين ، فيحصل بالتركيب تصوّر ثالث ، وهو : (تصوّر جبل من الذهب) . فهذا التصوّر مركّب في الحقيقة من التصوّر الأوّلين ، وهكذا ترجع جميع التصوّرات المركّبة إلى مفردات تصوّرته بسيطة .
والمسألة التي نعالجها هي : محاولة معرفة المصدر الحقيقي لهذه المفردات ، وسبب انبثاق هذه التصوّرات البسيطة في الإدراك الإنساني .
وهذه المسألة لها تأريخ مهمّ في جميع أدوار الفلسفة اليونانية والإسلامية والأُوروبية ، وقد حصلت عبر تأريخها الفلسفي على عدّة حلول تتلخّص في النظريات الآتية :