مادّية عند تصعيدها إلى أعلى من خلال الحركة الجوهرية ، والفرق بين المادّية والروحية فرق درجة فقط ، كالفرق بين الحرارة الشديدة والحرارة الأقلّ منها درجة .
ولكن هذا لا يعني أنّ الروح نتاج للمادّة وأثر من آثارها ، بل هي نتاج للحركة الجوهرية ، والحركة الجوهرية لا تتبع من نفس المادّة ؛ لأنّ الحركة ـ كلّ حركة ـ خروج للشيء من القوّة إلى الفعل تدريجياً ـ كما عرفنا في مناقشتنا للتطوّر عند الديالكتيك ـ والقوّة لا تصنع الفعل ، والإمكان لا يصنع الوجود ، فللحركة الجوهرية سببها خارج نطاق المادّة المتحرّكة . والروح التي هي الجانب غير المادّي من الإنسان نتيجة لهذه الحركة . والحركة نفسها هي الجسر بين المادّية والروحية .
المنعكس الشرطي والإدراك
ليس اختلافنا مع الماركسية في حدود مفهومها المادّي للإدراك فحسب ؛ لأنّ المفهوم الفلسفي للحياة العقلية وإن كان هو النقطة الرئيسية في معتركنا الفكري معها ، ولكنّنا نختلف ـ أيضاً ـ في مدى علاقة الإدراك والشعور بالظروف الاجتماعية ، والأحوال المادّية الخارجية . فالماركسية تؤمن بأنّ الحياة الاجتماعية للإنسان هي التي تحدّد له مشاعره ، وأنّ هذه المشاعر أو الأفكار تتطوّر تبعاً لتطوّر الظروف الاجتماعية والمادّية ، ولمّا كانت هذه الظروف تتطوّر تبعاً للعامل الاقتصادي ، فالعامل الاقتصادي ـ إذن ـ هو العامل الرئيسي في التطوّر الفكري .
وقد حاول (جورج بوليتزير) أن يشيّد هذه النظرية الماركسية على قاعدة