الجسم ، وتنشئ للحيوان شخصيّته وصفاته . فهل يمكن في الوجدان البشري أن يحدث كلّ ذلك صدفة واتّفاقاً ؟!
المادّة وعلم النفس :
وأخيراً ، فلنقف لحظة عند علم النفس ؛ لنطلّ على ميدان جديد من ميادين الإبداع الإلهي ، ولنلاحظ من قضايا النفس بصورة خاصّة قضية الغرائز التي تنير للحيوانات طريقها وتسدّدها في خطواتها ، فإنّها من آيات الوجدان البيّنات على أنّ تزويد الحيوان بتلك الغرائز صنع مدبّر حكيم ، وليس صدفة عابرة ، وإلاّ فمن علَّم النحل بناء الخلايا المسدّسة الأشكال ؟ وعلَّم كلب البحر بناء السدود على الأنهار ؟ وعلَّم النمل المدهشات في إقامة مساكنه ؟ بل من علَّم ثعبان البحر أن لا يضع بيضه إلاّ في بقعة من قاع البحر ، تقرب نسبة الملح فيها 35 % ، وتبعد عن سطح البحر بما لا يقلّ عن (1200) قدماً ؟ ففي هذه البقعة يحرص الثعبان على رمي بيضه ، حيث لا ينضح إلاّ مع توافر هذين الشرطين .
ومن الطريف ما يحكى من أنّ عالماً صنع جهازاً خاصّاً ، وزوّده بالحرارة المناسبة ، وببخار الماء وسائر الشروط التي تتوفّر في عملية طبيعية لتوليد كتاكيت من البيض ، ووضع فيه بيضاً ليحصل منه على دجاج ، فلم يحصل على النتيجة المطلوبة ، فعرف من ذلك أنّ دراسته لشرائط التوليد الطبيعي ليست كاملة ، فأجرى تجارب أخرى على الدجاجة حال احتضانها البيض ، وبعد دقّة قائمة في الملاحظة والفحص اكتشف أنّ الدجاجة تقوم في ساعات معيّنة بتبديل وضع البيضة وتقليبها من جانب إلى جانب ، فأجرى التجربة في جهازه الخاصّ مرّة أخرى ، مع إجراء تلك العملية التي تعلّمها من الدجاجة ، فنجحت نجاحاً باهراً .
فقل لي بوجدانك : مَن علّم الدجاجة هذا السرّ الذي خفي على ذلك العالم