responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : الصدر، السيد محمد باقر    جلد : 1  صفحه : 378

طريق الحسّ . وما دامت المسألة الإلهية مسألة غيبية وراء حدود الحسّ والتجربة ، فيجب أن نطرحها جانباً ، وننصرف إلى ما يمكن الظفر به في الميدان التجريبي من حقائق ومعارف ... نقف عندهم لنسألهم : ماذا تريدون بالتجربة ؟ وماذا تعنون برفض كلّ عقيدة لا برهان عليها من الحسّ ؟

فإن كان فحوى هذا الكلام أنّهم لا يؤمنون بوجود شيء ما لم يحسّوا بوجوده إحساساً مباشراً ، ويرفضون كلّ فكرة ما لم يدركوا واقعها الموضوعي بأحد حواسّهم ، فقد نسفوا بذلك الكيان العلمي كلّه ، وأبطلوا جميع الحقائق الكبرى المبرهن عليها بالتجربة التي يقدّسونها ؛ فإنّ إثبات حقيقة علمية بالتجربة ليس معناه الإحساس المباشر بتلك الحقيقة في الميدان التجريبي . فـ (نيوتن) ـ مثلاً ـ حين وضع قانون الجاذبية العامة على ضوء التجربة ، لم يكن قد أحسّ بتلك القوّة الجاذبية بشيء من حواسه الخمس ، وإنّما استكشفها عن طريق ظاهرة أخرى محسوسة ، لم يجد لها تفسيراً إلاّ بافتراض وجود القوّة الجاذبة . فقد رأى أنّ السيارات لا تسير في خطّ مستقيم ، بل تدور دوراناً ، وهذه الظاهرة لا يمكن أن تتمّ ـ في نظر نيوتن ـ لو لم تكن هناك قوّة جاذبة ؛ لأنّ مبدأ (القصور الذاتي) يقضي بسير الجسم المتحرّك في اتّجاه مستقيم ما لم يفرض عليه أسلوب آخر من قوّة خارجية . فانتهى من ذلك إلى قانون الجاذبية الذي يقرّر أنّ السيّارات تخضع لقوّة مركزية ، هي الجاذبية .

وإن كان يعني هؤلاء ـ الذين ينادون بالتجربة ويقدّسونها ـ نفس الأسلوب الذي تمّ به علمياً استكشاف قوى الكون وأسراره ، وهو : درس ظاهرة محسوسة ثابتة بالتجربة ، واستنتاج شيء آخر منها استنتاجاً عقلياً ، باعتبار التفسير الوحيد لوجودها ، فهذا هو أسلوب الاستدلال على المسألة الإلهية تماماً ؛ فإنّ التجارب الحسّية والعلمية قد أثبت أنّ جميع خصائص المادّة الأصلية ، وتطوّراتها

نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : الصدر، السيد محمد باقر    جلد : 1  صفحه : 378
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست