لمّا كنّا نعرف الآن أنّ وجود المعلول مرتبط ارتباطاً ذاتياً بوجود العلّة ، فنستطيع أن نفهم مدى ضرورة العلّة للمعلول ، وأنّ المعلول يجب أن يكون معاصراً للعلّة ، ليرتبط بها كيانه ووجوده ، فلا يمكن له أن يوجد بعد زوال العلّة ، أو أن يبقى بعد ارتفاعها . وهذا هو ما شئنا أن نعبّر عنه بقانون : (التعاصر بين العلّة والمعلول) .
[ مناقشتان حول هذا القانون : ]
وقد أثيرت حول هذا القانون مناقشتان راميتان إلى إثبات أنّ من الممكن بقاء المعلول بعد زوال علته . إحداهما للمتكلّمين ، والأخرى لبعض علماء الميكانيك الحديث .
[ أ ] المناقشة لكلامية :
وهي تستند إلى أمرين :
الأوّل : أنّ الحدوث هو سبب حاجة الأشياء إلى أسبابها . فالشيء إنّما يحتاج إلى سبب ؛ لأجل أن يحدث ، فإذا حدث ، لم يكن وجوده بعد ذلك مفتقراً إلى علّة . وهذا يرتكز على نظرية الحدوث التي تبينّا خطأها فيما سبق ، وعرفنا أنّ حاجة الشيء إلى العلّة ليست لأجل الحدوث ، بل لأنّ وجوده مرتبط بسببه الخاصّ ارتباطاً ذاتياً .
الثاني : أنّ قانون التعاصر بين العلّة والمعلول ، لا يتّفق مع طائفة من ظواهر الكون التي تكشف بوضوح عن استمرار وجود المعلول بعد زوال العلّة . فالعمارة الشاهقة التي شادها البنّاءون ، واشترك في بنائها آلاف العمّال ، تبقى قائمة بعد