وقد فاتها أنّها تقضي على مذهبها بالحماس لهذا القانون ؛ لأنّ الحركة إذا كانت قانوناً عاماً للحقائق فسوف يتعذّر إثبات أيّة حقيقة مطلقة ، وبالتالي يسقط قانون الحركة بالذات عن كونه حقيقة مطلقة .
فمن الطريف أنّ الماركسية تؤكّد على حركة (الحقيقة) وتغيّرها طبقاً لقانون الديالكتيك ، وتعتبر أنّ هذا الكشف هو النقطة المركزية لنظريتهم في المعرفة ، وتتغافل عن أنّ هذا الكشف بنفسه حقيقة من تلك الحقائق التي آمنوا بحركتها وتغيّرها ، فإذا كانت هذه (الحقيقة) تتحرّك وتتغيّر كما تتحرّك سائر الحقائق بالطريقة الديالكتيكية ، فهي تحتوي على تناقض سوف ينحلّ بتطوّرها وتغيّرها كما يحتّم ذلك الديالكتيك ، وإذا كانت هذه (الحقيقة) مطلقة لا تتحرّك ولا تتغيّر ، كفى ذلك ردّاً على تعميم قوانين الديالكتيك والحركة للحقائق والمعارف ، وبرهاناً على أنّ (الحقيقة) لا تخضع لأصول الحركة الديالكتية . فالديالكتيك الذي يراد إجراؤه على الحقائق والمعارف البشرية ، ينطوي على تناقض فاضح وحكم صريح بإعدام نفسه على كلا الحالين . فهو إذا اعتبر حقيقة مطلقة انتقضت قواعده ، وتجلّى أنّ الحركة الديالكتيكية لا تسيطر على دنيا الحقائق ؛ لأنّها لو كانت تسيطر عليها لما وجدت حقيقة مطلقة ولو كانت هذه الحقيقة هي الديالكتيك نفسه . وإذا اعتبر حقيقة نسبية خاضعة للتطوّر والحركة بمقتضى تناقضاتها الداخلية ، فسوف تتغيّر هذه الحقيقة ويزول المنطق الديالكتيكي ، ويصبح نقيضه حقيقة قائمة .
[ب ـ ] اجتماع الحقيقة والخطأ :
سبق فيما عرضنا من نصوص الماركسية أنّها تعيب على المنطق الشكلي ـ على حدّ تعبيرها ـ إيمانه بالتعارض المطلق بين الخطأ والحقيقة ، مع أنّهما