التي يحقّقها العمل والتجربة ـ هي معرفة ذات قيمة ولها معنى حقيقة موضوعية ، وأن ليس في العالم أشياء لا يمكن معرفتها ، وإنّما فيه أشياء لا تزال مجهولة بعد ، وهي ستكشف وتصبح معروفة بوسائل العلم والعمل) [1] .
(إنّ أقوى تفنيد لهذا الوهم الفلسفي ـ أي : وهم (كانت) و (هيوم) وغيره من المثاليين ـ ولكلّ وهم فلسفي آخر ، هو العمل والتجربة والصناعة بوجه خاصّ ، فإذا استطعنا أن نبرهن على صحّة فهمنا لظاهرة طبيعية مّا ، بخلقنا هذه الظاهرة بأنفسنا وبإحداثنا لها بواسطة توفّر شروطها نفسها ، وفوق ذلك إذا استطعنا استخدامها في تحقيق أغراضنا ، كان في ذلك القضاء المبرم على مفهوم الشيء في ذاته العصيّ على الإدراك الذي أتى به (كانت)) [2] .
هذه التصريحات تقرّر بوضوح : أنّ الفلسفة الماركسية لم ترضَ بالوقوف إلى صفّ السفسطة ومدارس الإنكار أو الشكّ التي أعلنت إفلاسها في المضمار الفلسفي ؛ لأنّ الصرح الذي تحاول بناءه يجب أن يرتفع على ركائز فلسفية قاطعة وقواعد فكرية جازمة ، وما لم تكن الركائز يقينية لا يمكن أن يتماسك ويتركّز البناء الفكري القائم عليها .
ونحاول ـ الآن ـ أن نعرف ما إذا كان من حقّ هذه الفلسفة أن تزعم لنفسها اليقين الفلسفي وتدّعي إمكان المعرفة الجازمة ، بمعنى : أنّ الفلسفة الماركسية التي
[1] المادية الديالكتيكية والماديّة التاريخية : 31 .