responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب نویسنده : المامقاني، الشيخ محمد حسن    جلد : 1  صفحه : 18

و مع طرح المنطوق لا يبقى وجه للأخذ بما هو مدلول عليه بالفحوى و استدل هو (أيضا) بذيل خبر سماعة بعد ملاحظة الجمع بينه و بين صدره فيه (أيضا) نظر لان الجمع بحمل صدره على النجس و حمل ذيله على الطاهر انما يفيد في سقوط دلالته على جواز بيع العذرة النجسة من جهة فوات ظهوره و لا يفيد في الاستدلال به على جواز بيع الطاهر لانه لا يجعله نصا و لا ظاهرا في ذلك و الدليل لا يصير دليلا إلا بالصراحة أو الظهور فالعمدة ما ذكرناه في مقام التوضيح لما افاده (المصنف) (رحمه الله) و غيره

قوله و يرد على الأول ان المراد بقرينة مقابلته لقوله تعالى يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبٰاتِ الأكل لا مطلق الانتفاع

لا يخفى ان هذا مبنى على كون انحصار المقدر في طرف إحلال الطيبات في الأكل بخصوصه مسلما لكنه لا يخلو عن خفاء فيحتمل ان يكون من جهة ان الطيب حقيقة في المستلذ و أن اللذة حقيقة فيما يوجد في المأكول و المشروب من ملائمة الطبع فالمطلوب موقوف على مقدّمتين لا بد من إثباتهما فيدلّ على الاولى ما ذكره في كنز العرفان حيث قال في كتاب المطاعم و المشارب ما صورته الطيب يقال لمعان الأول ما هو مستلذ الثاني ما حلله الشارع الثالث ما كان طاهرا الرابع ما خلا عن الأذى في النفس و البدن و هو حقيقة في الأول انتهى ما أهمنا ذكره من كلامه (رحمه الله) و يدلّ على الثانية ما في مجمع البحرين عن ابن الأعرابي من ان اللذة الأكل و الشرب بنعمة و كفاية انتهى و حيث كان الطيب عبارة عن المأكول اللذيذ تعين تقدير الأكل فيتعين تقديره في مقابله (أيضا) و هو قوله (تعالى) يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبٰائِثَ و يؤيد ما عن ابن الأعرابي انه حكى في ترجمة القاموس عن الزمخشري انه فسر اللذة بما معناه الطعم المعجب و صرّح المترجم في تفسير اللذيذ بأنه عبارة عن الشيء المعجب طعمه و ان الطعم المعجب ليس عبارة عن مفهوم الحلاوة و ان اللذة عام و الحلاوة خاص و ذكر ان اللذة ترادف لفظ مزه بالفارسية و ان الحلاوة مرادف لفظ شيرينى و ان الطعم أعم من اللذة فهو بالفارسية مرادف لفظ چاشنى انتهى ما ذكره منقولا بترجمته و على هذا فقوله تعالى إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ و قوله (تعالى) وَ هُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ و أمثالهما مبنية على تشبيه المعقول بالمحسوس كما في وصف اللفظ بالعذوبة و بالحلاوة و قد شاع التجوز بالطيب عن غير المطعومات و لا يمنع ذلك من حمل اللفظ على معناه الحقيقي ما لم تقم قرينة صارفة و (الظاهر) ان قول بعضهم لذ الشيء يلذ من باب تعب لذاذا و لذاذة إذا صار شهيها مبنى على التوسعة في الاستعمال و اما تفسيره بضد الا لم فهو مبنى على اصطلاح علماء المعقول و اما ما ذكره الإمام الرازي في مفاتيح الغيب المعروف بالتفسير الكبير في تفسير قوله (تعالى) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّٰهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبٰادِهِ وَ الطَّيِّبٰاتِ مِنَ الرِّزْقِ حيث قال و يدخل تحت الطيبات من الرزق كل ما يستلذ و يشتهي من أنواع المأكولات و المشروبات و يدخل (أيضا) تحته التمتع بالنساء و بالطيب انتهى فإنما هو اجتهاد و لو فرض قيام النص أو القرينة على المراد لم يوجب ذلك ثبوت الوضع و انما أوجب تحقق الاستعمال و هو أعم من الحقيقة و المجاز و قد عرفت شيوع استعماله في المعنى المجازي و لا يتوهم انه كثر استعماله في المعنى المجازي حتّى بلغ حد الحقيقة لأن هجر المعنى الأول انما يتحقق إذا ترك استعمال اللفظ فيه و اما إذا استعمل فيه و استعمل في المعنى المجازي لم يتحقق الهجر و ان كان الاستعمال في الثاني أكثر و يمكن ان يقال في وجه تعين تقدير الأكل بالنسبة إلى الطيبات انه قد وقع التصريح بالفعل المضاف الى الطيبات الذي تعلق به الحل في آيات متعددة فمنها قوله تعالى في سورة البقر يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ كُلُوا مِمّٰا فِي الْأَرْضِ حَلٰالًا طَيِّباً و منها قوله (تعالى) في السورة المذكورة (أيضا) يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبٰاتِ مٰا رَزَقْنٰاكُمْ وَ اشْكُرُوا لِلّٰهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيّٰاهُ تَعْبُدُونَ و منها قوله تعالى في سورة طه كُلُوا مِنْ طَيِّبٰاتِ مٰا رَزَقْنٰاكُمْ وَ لٰا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوىٰ فالتصريح بحل أكل الطيبات في الآيات المذكورة دليل على ان الفعل المقدر في هذه الآية انما هو الأكل و إذا كان المحلل في جانب إحلال الطيبات هو الأكل بخصوصه كان المحرم في جانب تحريم الخبائث (أيضا) هو الأكل بقرينة المقابلة لكن الإنصاف انه لا ملازمة بين التصريح بالأكل في الآيات المذكورة لو فرض ان وضع الطيب لما هو أعم من المأكول و المشروب و غيرهما و بين كون المقدر هو الأكل في غيرها نعم يمكن ان يخرج التصريح به مؤيّدا بعد ثبوت المطلوب من الخارج

قوله و على النبوي و غيره ما عرفت من ان الموجب لحرمة الثمن حرمة عين الشيء بحيث يدلّ على تحريم جميع منافعه أو المنافع المقصودة الغالبة و منفعة الروث ليست هي الأكل المحرم فهو كالطين المحرم كما عرفت سابقا

توضيح ذلك ان الأدلة و ان دلت على تحريم أكل الأرواث الا ان ذلك لا يقتضي حرمة التكسب بها حتى بضميمة قوله (عليه السلام) ان اللّه إذا حرّم شيئا حرّم ثمنه و قوله (عليه السلام) لعن اللّه اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها و أكلوا أثمانها إذ لا يخفى عليك ان تحريم أكل شيء انما يقتضي حرمة التكسب به لو كان ذلك الشيء مأكولا مقصودا منه الأكل كاللحوم و الشحوم و نحوهما و الأرواث ليست (كذلك) إذ الفائدة المقصودة منها شيء أخر غير الأكل و ليس ذلك بمجرم و المحرم منها و هو الأكل غير مقصود و معنى قوله ان اللّه إذا حرم شيئا حرّم ثمنه انه تعالى إذا حرم الغاية المطلوبة من شيء حرم ثمنه و لم يجز بيعه لذهاب فائدته المقصودة منه و لا عبرة بغيرها فيكون بذل المال في مقابلته أكل مال بالباطل ثم ان تحريم الغاية المطلوبة يقع على وجهين أحدهما ان يقع التصريح بتحريمها بخصوصها و الثاني ان يحرم جميع المنافع فيدخل فيه تحريم الغاية المطلوبة أو معناه ان اللّه إذا حرم شيئا بقول مطلق فيصير المراد به تحريم المنفعة المقصودة أو تحريم جميع المنافع و كيف كان فالحديث لا يتناول الأرواث نعم يتجه ذلك في الطحال و نحوه من محرّمات الذبيحة المقصود منها الأكل الذي قد حرم فافهم

[المسألة الثالثة يحرم المعاوضة على الدم]

قوله يحرم المعاوضة على الدم بلا خلاف بل عن النهاية في شرح الإرشاد لفخر الدين و التنقيح الإجماع عليه و يدل عليه الاخبار السابقة

المراد بالدم الذي حكم عليه بحرمة المعاوضة عليه انما هو الدم النجس و لا إشكال في حرمة المعاوضة عليه و يدل عليها وجوه الأوّل العمومات الناطقة بحرمة التكسب بنجس العين بملاحظة قيام الإجماع على نجاسته الثاني ما دلّ من الكتاب و السنة على تحريمه مثل قوله (تعالى) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ (انتهى) بضميمة قوله (عليه السلام) ان اللّه إذا حرّم شيئا حرم ثمنه و ان شئت قررت هذا الدليل بوجه أخر بأن تقول انه غير منتفع به حيث نهى الشارع عن المنفعة التي من شأنها ان ترتب عليه و هو الأكل لكونه من جنس ما من شأنه الأكل فلا عبرة بالانتفاع به في مثل الصّبغ مثلا لو جوّزناه و كذا الانتفاع به في مثل التسميد فتكون المعاملة سفهية و المعاملة السفهية باطلة و يترتب عليه حرمة التصرف في عوضه و كون الاقدام على المعاملة (حينئذ) يتصف بالحرمة التشريعية و ان شئت قررته بوجه ثالث بان تقول ان الدم غير مملوك باتفاق علمائنا بل هو من قبيل ما ليس بمتمول عرفا و لهذا لا يضمنه من أتلفه و قد اشترط في صحة البيع كون المبيع مملوكا فيبطل البيع عند انتفاع مملوكيته و يترتب عليه الحرمة التشريعية الثالث الإجماع الذي حكى (المصنف) (رحمه الله) دعويه عن الجماعة المؤيد بعدم الخلاف فيفيد الوثوق بل يمكن تحصيل الإجماع (حينئذ) الرابع مرفوعة أبي يحيى الواسطي الذي يذكرها (المصنف) (رحمه الله) بملاحظة انجبارها بعدم الخلاف ثم انه هل يجوز الانتفاع به في الصبغ فيجوز بيعه لذلك لم نر من جوزه و ان كان مقتضى ما يحكيه (المصنف) (رحمه الله) فيما سيأتي عن المحقق الثاني (رحمه الله) في حاشية الإرشاد لتوجيه صحة بيع الأصباغ المتنجسة من انها تؤل الى حالة تقبل معها التطهير هو الجواز و الصحة هيهنا (أيضا)

نام کتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب نویسنده : المامقاني، الشيخ محمد حسن    جلد : 1  صفحه : 18
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست