responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب نویسنده : المامقاني، الشيخ محمد حسن    جلد : 1  صفحه : 106

البكاء و كونه خيرا ممنوع و اما كونه معينا على البكاء على الحسين (عليه السلام) فهو غير مسلم فإنه انما يكون باعتبار تذكر أحواله و لا دخل للغناء فيه مع ان عموم رجحان الإعانة على الخير أو إطلاقه و لو بالحرام غير ثابت مردود بان تخصيص علة البكاء على الحسين (عليه السلام) بتذكر أحواله فقط أمر مخالف للوجدان فانا نشاهد من أنفسنا تأثير الألفاظ و الأصوات فترى انه يعبّر عن واقعة واحدة بألفاظ مختلفة يحصل من بعضها البكاء الشديد و لا يؤثر بعضها أصلا و نرى انا نبكي من تعزية بعض الناس دون بعض بل نرى انه ربما يذكر أحد واقعة و لا يؤثر في قلب و يذكر غير هذه الواقعة و يحصل منه الرقة بحيث يشرف بعض الناس على الهلاك بل ربما يبقى التأثير بعد تمام تعزيته بحيث يسيل الدموع بمجرد تذكر ما ذكره من الوقائع بعد مدة طويلة و بالجملة اعانة الألفاظ و العبارات و الالحان و الأصوات على البكاء على شخص أمر مقطوع به و ليس البكاء فيه على شيء غير وقائع هذا الشخص فان المشاهد ان بتعزية بعض الناس و ذكر بعض الألفاظ يحصل حرمة خاصة للقلب على الحسين (عليه السلام) و أصحابه لا يحصل بتعزية غيره و لا بلفظ أخر مرادف و التحقيق ان الصوت و اللفظ و للحن من الأمور المرقّقة للقلب المعدة للتأثير و ترقيقها و إعدادها يحصل البكاء بتذكر الأحوال فكون الصّوت و اللفظ معينا على البكاء مما لا يمكن إنكاره و اما قول المعترض مع ان عموم رجحان (انتهى) ففيه انه ليس مراد المستدل تجويز اعانة البر بالحرام بل يمنع الحرمة حين كون الغناء معينا على البكاء استنادا الى تعارض عمومات حرمة الغناء مع عمومات رجحان الإعانة على البر و عدم المرجح فيبقى محل التعارض على مقتضى الأصل و منع عموم الإعانة على البر أو ترجيح عمومات الغناء بأظهرية العموم أو الأكثرية أو لأجل ترجيح الحرمة على الجواز مع التعارض ليس بشيء لأن عموم اعانة البر (مطلقا) أمر ثابت كتابا و سنة مع ان الأحاديث الواردة في ان من أبكى أحدا على الحسين (عليه السلام) كان له كذا و كذا بلغت حد الاستفاضة بل التواتر و كثير منها مذكورة في ثواب الأعمال للصدوق فمنع التعارض ضعيف جدا كترجيح عمومات حرمة الغناء فان عمومات الإعانة على البر و خصوص الإبكاء أكثر بكثير مذكورة في الكتاب و السنة مجمع عليه بين الأصحاب و ترجيح جانب الحرمة على الجواز لم يثبت عندنا الا على وجه الأولوية و الاستحباب و هو أمر أخر بل لا يبعد ترجيح عمومات الإعانة بتضعيف عمومات حرمة الغناء دلالة و سندا و امّا ما يجاب عن التعارض بمنع كون الغناء معينا على البكاء (مطلقا) لان المعين عليه هو الصّوت و اما نفس الترجيع الذي به يتحقق الغناء فلم يعلم كونه معينا عليه أصلا لا على الحسين (عليه السلام) و لا (مطلقا) ففيه أولا ان من البين انّ لنفس الترجيع (أيضا) أثرا في القلب كما يدلّ عليه ما في كلام جماعة من توصيف الترجيع بالمطرب مع تفسيرهم الاطراب فان حزن القلب من معدّات البكاء مع انه قيل ان الغناء المحرم هو الصّوت انتهى و لا يخفى ما في الوجوه المذكورة في كلام هذين العلمين رفع اللّه قدرهما اما التمسك بالأصل فسقوطه على مذهب من يستند في حرمة الغناء الى حكم العقل على الاستقلال واضح إذ لا يبقى مجال للأصل مع وجود الدليل خصوصا إذا كان عقليا قطعيا كما هو مدعى المتمسك به و اما على مسلك من لا يستند الى استقلال العقل بحرمته و انما يستند الى الاخبار كما هو المختار عندنا فإنه و ان كان الموجود فيها هو الحكم على الغناء الذي هو مفرد محلى باللام و قد تقرر في علم الأصول انه لا يفيد العموم الا ان ملاحظة مساق كثير من الاخبار تعطي ثبوت الحكم له على وجه العموم مثل قوله (عليه السلام) إذا ميز اللّه بين الحق و الباطل فأين يكون الغناء قال مع الباطل قال قد حكمت فان كون هذه الطبيعة من الباطل يقتضي ان جميع ما تصدق عليه هذه الطبيعة و يندرج تحتها باطل و (حينئذ) نقول انه غير قابل لان يرخص فيه ما دام متصفا بعنوان كونه غناء المقتضى لاتصافه بالباطل و (كذلك) الأخبار الّتي دلت على انه من قول الزور المفسر بالباطل أو من لهو الحديث فإنها تفيد كون ما تصدق عليه طبيعة الغناء من اللهو و الباطل فيكون أبيا عن التخصيص من جهة ان ما هو باطل و لهو لا يرخص فيه الشارع و على هذا فلا يبقى مجال للأصل نعم على مذاق

من لا يعتبر شيئا من طريق العقل و طريق الاخبار و لا يرى سوى الاستناد إلى الإجماع يمكن الاستناد الى الأصل نظرا الى ان ما نحن فيه خارج عن مورد الإجماع لوقوع الخلاف فيه لكن قد عرفت ان المتجه عندنا انما هو الاستناد الى الاخبار الكثيرة الدالة على المطلوب و ان ضعف أسانيدها منجبر بالشهرة بل الإجماع و اما كون الغناء معينا على البكاء و التفجع فهو ممنوع بناء على ما عرفت من كون الغناء هو الصّوت المرجع فيه اللهوي بل على ظاهر تعريف الأكثر (أيضا) من الترجيع المطرب لان المطرب الحاصل منه ان كان سرورا فهو مناف للتفجع لا معين و ان كان حزنا فهو على ما هو المركوز في النفس الحيوانية من فقد المشتهيات النفسانية لا على ما أصاب سادات الزمان مع انه على تقدير الإعانة لا ينفع في جواز الشيء المحرم كونه مقدمة المستحب أو مباح بل لا بد من ملاحظة دليل الحرمة فإن كان شاملا لحال كونه مقدمة فلا بد من الحكم بالحرمة و الا فيحكم بإباحته للأصل و على اى حال فليس كونه مقدمة لغير الحرام منشأ لإباحته حتى يتمسك فيها بذلك و اما دعوى تعارفه في بلاد الإسلام من زمن المشايخ الى زماننا هذا من غير نكير ففيه أوّلا المنع من ذلك و الذي كان متعارفا انما هو ما لا غناء فيه و اما ما كان مشتملا على الغناء فان العلماء و أهل التقوى يعرضون عنه بل يقومون من ذلك المجلس كما وقع كثيرا في زماننا من العلماء و لعله كان الأمر في الزمان السابق على هذا المنوال بل لقائل أن يقول ان حكم المشايخ بحرمة الغناء على الإطلاق من دون استثناء دليل على انه لم تقم السيرة على إمضائه و السكوت عنه و قد أشار المولى المحقق البهبهاني (رحمه الله) في حواشي (المسالك) الى هذا الوجه حيث قال مع انا نرى ان المشايخ حكموا بحرمة الغناء (مطلقا) و ربما استثنوا بعض المواضع التي لا يعرف لها دليل و لم يشيروا الى استثناء المراثي كما هو المعروف في الكتب المعروفة المشهورة المتداولة بين الناس و شذ من استثنى انتهى و ثانيا انه لو سلم تعارفه بين الناس فان ذلك بمجرده لا يفيد ما لم تستمر السيرة إلى زمان المعصوم (عليه السلام) و هو ممنوع قطعا و امّا تأييده بجواز النياحة بالغناء استنادا الى ما ذكره من اخبار جواز النياحة ففيه انه ليس في تلك الاخبار تعميم جواز النياحة بالنسبة إلى اشتمالها على الغناء غاية ما في الباب ان الترخيص في النياحة ورد على وجه الإطلاق و ظاهر ان الإطلاق وارد لبيان حكم أخر و هو كون جنس النياحة من حيث هي ليس من قبيل المحرمات و اين هو من النظر الى اقترانها بالغناء و تعميم الجواز بالنسبة الى ذلك الحال (أيضا) و اما ما ذكره من انه ليس في المراثي طرب بل ليس الا لحزن فهو مخالف لما نجده في زماننا هذا عيانا و لعلّه في زمانه كان الأمر على ما ذكره من جهة عدم شيوع الالحان الغنائية المطربة في المراثي و اما ما ذكره صاحب المستند (رحمه الله) من تأييد الجواز بقول الصّادق (عليه السلام) لمن انشد عنده مرثية اقرء كما عندكم اى بالعراق ففيه انه لا يدلّ على جواز الغناء في المرثية أصلا إلا بعد إحراز ان المعهود في العراق كان هو المرثية على وجه الغناء أو ان الغالب كان على ذلك الوجه و انى للمدعى ذلك و كيف يمكن دعواه و لقائل أن يقول انه لم يعلم أصل وجود الغناء في المرثية المتعارفة في العراق فكيف يكون غالب أفرادها أو جميعها على وجه الغناء و اما ما ذكره في رد من قال بان الغناء معين على (مطلقا) البكاء لا على البكاء على الحسين (عليه السلام) فإنّه

نام کتاب : غاية الآمال في شرح كتاب المكاسب نویسنده : المامقاني، الشيخ محمد حسن    جلد : 1  صفحه : 106
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست