فَإِنْ قَالَ فَلِمَ جُعِلَتِ الْخُطْبَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَ جُعِلَتْ فِي الْعِيدَيْنِ بَعْدَ الصَّلَاةِ قِيلَ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ أَمْرٌ دَائِمٌ يَكُونُ فِي الشَّهْرِ مِرَاراً وَ فِي السَّنَةِ كَثِيراً فَإِذَا أُكْثِرَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ صَلُّوا وَ تَرَكُوهُ وَ لَمْ يُقِيمُوا عَلَيْهِ وَ تَفَرَّقُوا عَنْهُ فَجُعِلَتْ قَبْلَ الصَّلَاةِ لِيُحْتَبَسُوا عَلَى الصَّلَاةِ وَ لَا يَتَفَرَّقُوا وَ لَا يَذْهَبُوا وَ أَمَّا الْعِيدَانِ فَإِنَّمَا هُوَ فِي السَّنَّةِ مَرَّتَانِ وَ هِيَ أَعْظَمُ مِنَ الْجُمُعَةِ وَ الزِّحَامُ فِيهِ أَكْثَرُ وَ النَّاسُ مِنْهُمْ أَرْغَبُ فَإِنْ تَفَرَّقَ بَعْضُ النَّاسِ بَقِيَ عَامَّتُهُمْ وَ لَيْسَ هُوَ بِكَثِيرٍ فَيَمِيلُوا وَ يَسْتَخِفُّوا بِهِ قَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ (رحمه الله) جَاءَ هَذَا الْخَبَرُ هَكَذَا وَ الْخُطْبَتَانِ فِي الْجُمُعَةِ وَ الْعِيدِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ وَ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ قَدَّمَ الْخُطْبَتَيْنِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ لِأَنَّهُ لَمَّا أَحْدَثَ مَا أَحْدَثَ لَمْ يَكُنِ النَّاسُ يَقِفُونَ عَلَى خُطْبَةٍ وَ يَقُولُونَ مَا نَصْنَعُ بِمَوَاعِظِهِ وَ قَدْ أَحْدَثَ مَا أَحْدَثَ فَقَدَّمَ الْخُطْبَتَيْنِ لِيَقِفَ النَّاسُ انْتِظَاراً لِلصَّلَاةِ وَ لَا يَتَفَرَّقُوا عَنْهُ فَإِنْ قَالَ لِمَ وَجَبَتِ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ يَكُونُ عَلَى فَرْسَخَيْنِ لَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِأَنَّ مَا يُقَصَّرُ فِيهِ الصَّلَاةُ بَرِيدَانِ ذاهب [ذَاهِباً أَوْ بَرِيدٌ ذاهب [ذَاهِباً وَ جائي [جَائِياً وَ الْبَرِيدُ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ فَوَجَبَتِ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ هُوَ عَلَى نِصْفِ الْبَرِيدِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ التَّقْصِيرُ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجِيءُ عَلَى فَرْسَخَيْنِ وَ يَذْهَبُ فَرْسَخَيْنِ فَذَلِكَ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ وَ هُوَ نِصْفُ طَرِيقِ الْمُسَافِرِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ زِيدَ فِي الصَّلَاةِ السُّنَّةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ قِيلَ تَعْظِيماً لِذَلِكَ الْيَوْمِ وَ تَفْرِقَةً بَيْنَهُ وَ بَيْنَ سَائِرِ الْأَيَّامِ فَإِنْ قَالَ فَلِمَ قُصِّرَتِ الصَّلَاةُ فِي السَّفَرِ قِيلَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ أَوَّلًا إِنَّمَا هِيَ عَشْرُ رَكَعَاتٍ وَ السَّبْعُ إِنَّمَا زِيدَتْ عَلَيْهَا بَعْدُ فَخَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لِمَوْضِعِ السَّفَرِ وَ تَعَبِهِ وَ نَصَبِهِ وَ اشْتِغَالِهِ بِأَمْرِ نَفْسِهِ وَ ظَعْنِهِ وَ إِقَامَتِهِ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ عَمَّا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ