قد قال محمّد بالأمس في مسجد الخيف ما قال، و قال هاهنا ما قال، فإن رجع إلى المدينة يأخذ البيعة له، و الرأي أن نقتل محمّدا قبل أن يدخل المدينة.
فلمّا كان في تلك اللّيلة قعد له (صلّى اللّه عليه و آله) أربعة عشر رجلا في العقبة ليقتلوه- و هي عقبة بين الجحفة و الأبواء- فقعد سبعة عن يمين العقبة، و سبعة عن يسارها لينفروا ناقته، فلمّا أمسى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) صلّى و ارتحل، و تقدّم أصحابه، و كان على ناقة ناجية [1]؛ فلمّا صعد العقبة ناداه جبرئيل: يا محمّد! إنّ فلانا و فلانا و سمّاهم كلّهم؛ و ذكر صاحب الكتاب أسماء القوم المشار إليهم ثمّ قال:
قال جبرئيل: يا محمّد! هؤلاء قد قعدوا لك في العقبة ليغتالوك [2]؛ فنظر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) إلى من خلفه، فقال: من هذا خلفي؟
فقال حذيفة بن اليمان: أنا حذيفة يا رسول اللّه.
قال (صلّى اللّه عليه و آله): سمعت ما سمعناه؟ قال: نعم.
قال: اكتم. ثمّ دنا منهم، فناداهم بأسمائهم و أسماء آبائهم؛ فلمّا سمعوا نداء رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) مرّوا و دخلوا في غمار الناس و تركوا رواحلهم، و قد كانوا عقلوها داخل العقبة، و لحق الناس برسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و انتهى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) إلى رواحلهم فعرفها.
فلمّا نزل، قال: ما بال أقوام تحالفوا في الكعبة إن أمات اللّه محمّدا أو قتل، لا نردّ هذا الأمر إلى أهل بيته، ثمّ همّوا بما همّوا به، فجاءوا إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) يحلفون أنّهم لم يهمّوا بشيء من ذلك! فأنزل اللّه تبارك و تعالى: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا[3] الآية.