فدعا (عليه السلام) عليهم، فأخذتهم الدعوة كما وقع النصّ بذلك في كتب الفريقين:
روى البلاذري في «أنساب الأشراف» [1]: قال عليّ (عليه السلام) على المنبر: ...
اللّهمّ من كتم هذه الشهادة و هو يعرفها، فلا تخرجه من الدنيا حتّى تجعل به آية يعرف بها. قال: فبرص أنس بن مالك، و عمي البراء بن عازب، و رجع جرير البجلي أعرابيّا بعد هجرته، فأتى السراة [2] فمات في بيت امّه بالسراة.
و معلوم أنّ أوّل من احتجّ بحديث الغدير بعد وفاة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) هو أمير المؤمنين (عليه السلام) و ذلك في مسجد النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) ثمّ فاطمة الزهراء (عليها السلام)، ثمّ الأئمة المعصومين من ذرّيتهم المباركة مرورا بالعديد من الصحابة الّذين هتفوا بهذه الواقعة الجليلة حتّى أواخر حياتهم.
و سيأتي في مطاوي هذا الكتاب تفاصيل تلك المناشدات و الاحتجاجات.
و إنّنا اليوم إذ نحيي هذه الذكرى المباركة العطرة باعتزاز و فرح بالغين نقول للجميع: هل لذي عقل- بعد كلّ ما تقدّم ممّا قاله اللّه تعالى في محكم كتابه، و ممّا نطق به خاتم أنبيائه و رسله، و ممّا تركه لنا التاريخ من شواهد ملموسة و حقائق دامغة- من عذر إن أراد أن يتجاهل أو يتغافل؟ سؤال نتركه لطلّاب الحقائق، مردّدين قول الزهراء البتول بضعة الرسول (صلوات اللّه عليهما):
لا يخفى على اولي النهى و ذوي الأبصار أنّ يوم الغدير هو اليوم الّذي أكمل اللّه به الدين، و أتمّ به النعمة على عباده، و رضي فيه بالإسلام دينا؛ و ذلك بإبلاغه (صلّى اللّه عليه و آله) رسالة ربّه جلّ جلاله كما أمره، و نصبه عليّا (عليه السلام) إماما و علما للمسلمين، يسلك بهم النهج القويم، و يقودهم إلى الصراط المستقيم و إلى