مجيب الدعاء، و مجزل العطاء، محصي الأنفاس و ربّ الجنّة و الناس، لا يشكل عليه شيء، و لا يضجره صراخ المستصرخين، و لا يبرمه إلحاح الملحّين [1]، العاصم للصالحين، و الموفّق للمفلحين، و مولى [المؤمنين، و ربّ] العالمين.
الّذي استحقّ من كلّ من خلق أن يشكره و يحمده.
[أحمده] على السرّاء و الضرّاء، و الشدّة و الرخاء، و أومن به و بملائكته و كتبه و رسله، أسمع أمره، و اطيع و ابادر إلى كلّ ما يرضاه، و أستسلم لقضائه [2] رغبة في طاعته و خوفا من عقوبته، لأنّه اللّه الذي لا يؤمن مكره، و لا يخاف جوره.
و اقرّ له على نفسي بالعبوديّة، و أشهد له بالربوبيّة، و اؤدّي ما أوحى [به] إليّ حذرا من أن لا أفعل فتحلّ بي منه قارعة [3] لا يدفعها عنّي أحد و إن عظمت حيلته؛ لا إله إلّا هو، لأنّه قد أعلمني أنّي إن لم ابلّغ ما أنزل إليّ فما بلّغت رسالته، و قد ضمن لي تبارك و تعالى العصمة، و هو اللّه الكافي الكريم، فأوحى إليّ:
بسم اللّه الرحمن الرحيم يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ- في عليّ يعني في الخلافة لعليّ بن أبي طالب (عليه السلام)- وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ.
معاشر الناس [4]! ما قصّرت في تبليغ ما أنزل [اللّه تعالى] إليّ؛ و أنا مبيّن لكم سبب [نزول] هذه الآية:
إنّ جبرئيل(عليه السلام) هبط إليّ مرارا- ثلاثا- يأمرني عن السلام ربّي و هو السلام [5]، أن أقوم في هذا المشهد فاعلم كلّ أبيض و أسود: أنّ عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أخي، و وصيّي، و خليفتي، و الإمام من بعدي، الّذي محلّه منّي محلّ هارون من موسى إلّا
[1] أبرمه: أملّه و أضجره. و الإلحاح: الإصرار على الشيء.